فلسطين أون لاين

تقرير منشورات الإخلاء تتحول إلى فلافل ونار.. غزة تسخر من الحرب النفسية

...
الاحتلال يكرر رسائله الدعائية النفسية التي تطالب سكان غزة بالنزوح المناطق الإنسانية المزعومة
غزة/ جمال غيث:

بينما تستميت آلة الحرب الإسرائيلية في محاولتها دفع أهالي غزة إلى النزوح تحت وابل من القصف والمنشورات الورقية التي تهطل كالمطر، كان ردّ الغزيين ساخرًا ومشتعلًا بالمعنى الحرفي للكلمة.

إذ اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع تُظهر استخدام تلك المنشورات، التي يطالب فيها جيش الاحتلال سكان المدينة بالإخلاء وتحديد المناطق "الإنسانية"، في إشعال النار لطهي الطعام أو كأوراق للفّ الفلافل، أو حتى كبديل للفحم في جلسات القهوة.

دعاية بائسة

ويقول المواطن عامر محمد عبر صفحته على "فيسبوك": "هذا هو المكان الطبيعي لمنشوراتهم، تحت الخبز وفوق الحطب! منذ شهور لم يدخل القطاع غاز الطهي، فقررنا أن نُشعل طعامنا بوقود الحرب النفسية ذاته."

وبينما يعاني سكان غزة من نقص شديد في المواد الأساسية، بما في ذلك الغاز المنزلي، يبدو أن الاحتلال قدّم لهم، دون أن يدري، مصدرًا بديلًا للطاقة، ولو كان ملفوفًا بدعاية بائسة. فبدل أن تُرهب هذه المنشورات المواطنين وتدفعهم للنزوح كما يأمل الجيش الإسرائيلي، تحوّلت إلى أداة للمقاومة الساخرة والكرامة اليومية.

أما سليمان عزيز، فقد قرر أن يبدأ نهاره بفنجان قهوة مشعول بـ"التحذير العسكري". ويقول مبتسمًا أمام الكاميرا: "يريدون منّا الرحيل؟ نحن نُشعل بنصائحهم نار الصباح ونرتشف قهوتنا! هذا هو الرد الحقيقي على حربهم النفسية."

ويضيف في منشور له على "فيسبوك": "أن تُشعل القهوة بأوراق الإخلاء؟ هذه رسالة رمزية تقول: إننا باقون هنا، لا نخاف تهديداتهم، ولا نترك أرضنا، بل نحرق أوهامهم في قدورنا".

استخدامات مبتكرة وساخرة

الطريف أن الاستخدامات لم تتوقف عند إشعال النار فقط، فقد تداول نشطاء صورًا تظهر شبابًا يستخدمون منشورات الإخلاء في لفّ الفلافل كأنها أوراق عادية، في مشهد جمع بين السخرية الحادة والواقع المرير، لدرجة جعلت القناة "12 العبرية" تُعرب عن "القلق" من هذا النوع الجديد من التحدي الفلسطيني، واصفة المشاهد بأنها "تشويه متعمد للرسائل العسكرية".

ولم تتأخر الردود الساخرة، إذ كتب أحدهم: "نشكركم على المساهمة في دعم المطبخ الغزي، منشوراتكم تُضيف نكهة نضالية للساندويتش!"

وقال آخر: "الاحتلال يقدم لنا أوراقًا مجانية، ونحن نحولها إلى نار وبهجة وغداء!"

من منشور للثبات اليومي

وفي حين يُصر الاحتلال على تكرار مناشيره الورقية التي تطلب من سكان غزة النزوح نحو ما يسميه "مناطق آمنة"، يعرف الجميع أن هذه المناطق ليست سوى فخاخ مكتظة بالدمار، وهو ما دفع الناس إلى السخرية بدل الخوف. فكل منشور يُسقط من الطائرات يُلتقط إما ليُلفّ به فلافل أو يُشعل به موقدًا صغيرًا.

هذا المزج الغريب بين الحاجة اليومية وروح المقاومة، حول أدوات الحرب النفسية إلى شعلة رمزية لرفض الخضوع. غزة، التي لا تملك رفاهية تجاهل المنشورات ولا القدرة على الرحيل، اختارت أن تجعل من كل منشور دعابة ساخرة ووسيلة للثبات.

ففي قطاع غزة، باتت الأوراق المطبوعة بالدعاية الحربية لا تنجو من إعادة التدوير، بنكهة وطنية. فالمنشور الذي كُتب لتخويف الناس أصبح جزءًا من وجبتهم، ونارهم، وصباحهم، وربما بطريقتهم الخاصة، ردّهم الصاعق على آلة الاحتلال.

المصدر / فلسطين أون لاين