بدأ الاحتلال، اليوم الجمعة، مرحلة جديدة من حرب الإبادة على قطاع غزة، عبر استهداف الأبراج السكنية في مدينة غزة التي تضم مئات النازحين، بعد ساعات من إعلان وزير الحرب يسرائيل كاتس فتح ما وصفه بـ"أبواب الجحيم".
وأقدمت طائرات جيش الاحتلال على قصف "برج مشتهي" غرب المدينة، وهو أحد المباني القليلة المتبقية التي كانت تؤوي مئات الفلسطينيين النازحين، ما أدى إلى تدميره بالكامل، بعد إنذار قاطنيه لإخلائه خلال أقل من ساعة،، ليجد النازحين اليوم أنفسهم بلا مأوى من جديد.
روى سكان المبنى لحظات الهلع قبل انهياره فوق أحلامهم، وتقول عائشة محمود: "تركنا أرواحنا وكل شيء جميل خلفنا، لم يكن أمامنا وقت طويل لنحمل سوى بعض الملابس".
عبادة سيف الدين، الذي فقد شقته ولجأ إلى خيمة، تساءل: "ما الذي فعلناه حتى يهدم الجيش الإسرائيلي منازلنا؟ نحن مدنيون لا ذنب لنا".
فيما أكد نضال أبو علي أكد أنه لجأ للبرج بعد تدمير منزله في بيت لاهيا، لكنه فقده مجددًا، مضيفًا: "إسرائيل تريد منا ترك غزة، لكننا باقون فيها بقدر ما نستطيع".
ورغم نفي إدارة المبنى وجود أي نشاط عسكري داخله، وزعم الاحتلال استخدامه لأغراض "حماس"، إلا أن سكانه ومعظمهم من النازحين أكدوا أنه كان يخضع لرقابة صارمة ولا يضم إلا عائلات فقدت منازلها.
إدارة المبنى طالبت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان بمحاسبة إسرائيل على "الاستهداف الهمجي"، متوعدة بملاحقة المسؤولين عن الجريمة أمام المحاكم الدولية.
من جهتها، أكدت حركة حماس أن استهداف الأبراج السكنية المكتظة بالمدنيين والنازحين يدخل في إطار سياسة تهجير ممنهج، مؤكدة أن مزاعم الاحتلال باستخدام هذه الأبراج لأغراض عسكرية "ذرائع مكشوفة لتبرير جرائمه الوحشية وتضليل الرأي العام الدولي".
وأضاف البيان أن تصريحات كاتس بشأن "إخلاء المباني" قبل قصفها تعكس ابتزازًا سياسيًا صارخًا، وتكشف أن الاحتلال يتعمد استخدام المدنيين كرهائن للضغط وفرض شروطه، في مخالفة واضحة للقانون الدولي.
وطالبت "حماس" المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، والمؤسسات القضائية الدولية، بالتحرك العاجل لوقف ما وصفته بـ"الفاشية الصهيونية المنفلتة من عقالها"، ولجم قادة الاحتلال ومحاسبتهم على جرائمهم التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
كما دعت إلى تفعيل ملفات جرائم الحرب الإسرائيلية في المحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات رادعة على قادتها، مؤكدة أن استهداف المباني المدنية جريمة حرب حتى في حال توجيه إنذارات مسبقة.
واختتمت الحركة بيانها بالقول إن محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته "الهروب إلى الأمام بعد نحو عامين من حرب الإبادة في غزة، عبر توسيع العدوان وإطالة أمده، لن تجلب لهم سوى الخزي والفشل، ومزيدًا من الخسائر في صفوف جيشهم".
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، إن محاولات إسرائيل "تبرير استهداف الأبراج السكنية وتدمير مدينة غزة، بادّعاءات كاذبة عن استخدامها من حماس، ليست سوى ذرائع واهية وأكاذيب مفضوحة، الهدف منها التغطية على جرائمه البشعة بحق المدنيين العزّل، ومواصلة سياسة الإبادة والتدمير الشامل للقطاع".
يأتي هذا التصعيد في وقت تواصل فيه "إسرائيل" تنفيذ خطتها لاحتلال غزة وتهجير سكانها تدريجيًا نحو الجنوب، في تجاهل صارخ للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الحرب.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلّفت الإبادة الإسرائيلية أكثر من 64,300 شهيد و162,000 جريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9,000 مفقود ومئات آلاف النازحين. كما أودت المجاعة بحياة 376 فلسطينياً بينهم 134 طفلاً، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.