انتهى المؤتمر السابع لحركة فتح بانتصار شخصي لمحمود عباس، لأنه فعل كل ما خطط له، وكل ما يريده، وتمكن من إقصاء خصومه من أبناء حركة فتح المتجنحين؟!، بل أتبع الإقصاء برفع الحصانة عن خمسة من أعضاء البرلمان الفلسطيني بقرار من المحكمة الدستورية التي صنعها هو لنفسه، ولغرض في نفس يعقوب كما يقولون.
انفضّ المؤتمر وتشكلت الهيكليات الجديدة بحسب نتائج الانتخابات كما يريدها عباس تقريبا، حتى وإن شعر من في غزة أنهم قد همشوا ولم يأخذوا حقهم العددي في التمثيل، وهو أمر يمكن أن يستدركه عباس من خلال التعيينات.
يقال في أوساط خصوم عباس إنه لا بد من عقد مؤتمر لفتح بقيادة دحلان، ورعاية مصر في أقرب فرصة ممكنة لتصحيح الأوضاع، وهو أمر لم يعلق عليه دحلان حتى الآن، ولم تعلق عليه مصر أيضا، ومع ذلك فما زال طلب من أصابهم الإقصاء ووقف الراتب قائما وملحا.
إنه في ضوء ما حدث، وفي ضوء قراءة النتائج ومخرجات المؤتمر، يتبادر إلى الذهن سؤال العافية: هل خرجت فتح موحدة وبعافية جديدة تستطيع من خلالها مواجهة التحديات الداخلية والخارجية؟ أم خرجت فتح منقسمة على نفسها، وأن القادم سيكشف عن حالة ضعف وقلة عافية؟
لا يمكن لي أن أجيب من تلقاء نفسي عن سؤال العافية، ولكن يمكن للأيام والأشهر القادمة أن تجيب إجابة شافية، لذا يجب الانتظار، فالمسألة ليست مسألة سؤال وجواب، وإنما مسألة عمل وواقع، هو أبلغ عادة من الكلام.
الأرقام الشخصية في هذا المجال كثيرة ومتباينة، فهناك من يرى أن المؤتمر جمع حركة فتح ووحدها، فهي اليوم بعد المؤتمر أقوى منها قبل المؤتمر. بينما يرى آخرون أن المؤتمر أضعف فتح، ووسع من سلطة الفرد، كما وسع نطاق الديكتاتورية، وهذا يجب مواجهته بآليات مناسبة لكي تسترجع فتح ممن خطفوها كما يقولون؟!
هكذا يختلط الحابل في النابل في قراءة تداعيات مؤتمر فتح السابع على أبناء حركة فتح والمنتسبين لها، وليس للمحلل السياسي فرصة جيدة، أو فرصة واضحة لترجيح شيء على شيء، والأمور لا ينبغي أن تختلط بالرغبات، بل لا بد من الموضوعية الشفافة ذات الدلالة على الحقائق والواقع.
من المؤكد أن للمؤتمر تأثيرات، وله تداعيات، ومن المؤكد أن الوقت ما زال مبكرا للحديث الشافي في هذه التداعيات أو التأثيرات الإيجابية، لذا أرى أننا في حاجة إلى مزيد من الوقت والمتابعة لمعرفة جهة الترجيح، وهل تقدمت فتح من خلال مؤتمرها، أم أنها كرست سلطة الرجل الواحد، وقدمت الولاء على الخبرة ؟!