فلسطين أون لاين

تقرير سفارات السلطة حول العالم.. نفقات عالية ودور غائب في نصرة غزة

...
غزة/ محمد أبو شحمة:

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، غاب أي دور فعّال لسفارات السلطة الفلسطينية حول العالم في فضح الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين.

ورغم الإمكانيات الكبيرة والنفقات الضخمة التي تُصرف على هذه البعثات الدبلوماسية ورواتب موظفيها، ظل صوتها خافتًا في المحافل الدولية، ولم تنجح في إيصال رواية الشعب الفلسطيني أو فضح جرائم الحرب الإسرائيلية بشكل ممنهج وفاعل.

وتحوّلت السفارات إلى مواقع بروتوكولية أو علاقات عامة، دون أن تؤدي دورها السياسي والإعلامي والدبلوماسي المنشود، في وقت تمر فيه القضية الفلسطينية بواحدة من أخطر مراحلها.

وعلى الرغم من توفر عشرات الأدلة المصوّرة والتقارير الحقوقية التي توثق جرائم الاحتلال في غزة، فإن هذه السفارات لم تستثمرها لتحريك الرأي العام أو الضغط على الحكومات الغربية، فيما بدت الجهود مشتتة أو شبه غائبة.

ويطالب الشارع الفلسطيني، خصوصًا في غزة والشتات، بإجراء تقييم شامل لأداء هذه السفارات ومساءلة المقصرين فيها، مؤكدين أن المرحلة تتطلب "دبلوماسية مقاومة" لا مجرد ترفٍ وظيفي، خاصة في ظل ما يتكبده الشعب الفلسطيني من دماء ودمار.

بدوره، أكد الكاتب والباحث حسن سليم أن من أكثر المرافق التي تثقل كاهل السلطة وخزينتها وزارات الخارجية وشبكة السفارات والقنصليات المنتشرة في العالم، موضحًا أنها تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لتغطية النفقات التشغيلية ورواتب السفراء والموظفين ومصاريف المباني والسيارات وغيرها، الأمر الذي يثير تساؤلات كبيرة: ماذا تفعل هذه السفارات فعلاً؟ وما الذي نستفيده نحن كدولة وجاليات من وجودها؟

وقال سليم لصحيفة "فلسطين": "وظيفة السفارات من الناحية النظرية واضحة في الوضع الطبيعي، فهي تتمثل بالتمثيل السياسي للدولة أمام الحكومات، ورعاية مصالح الجاليات، وتقديم الخدمات القنصلية، وجذب الاستثمارات، والتعريف بالثقافة والقضية الوطنية".

وأضاف: "الحالة الفلسطينية تفرض على هذه السفارات مهمة إضافية، تتمثل في نقل معاناة الشعب وفضح الجرائم المرتكبة بحقه، والسعي للتأثير في الرأي العام والرأي الرسمي في تلك الدول، بما يخدم حقوقنا ومطالبنا في أروقة المنظمات والهيئات الدولية".

وتابع متسائلًا: "هل فعلاً تقوم السفارات بهذه الأدوار؟ أم أن كثيرًا منها تحوّل إلى مكاتب شكلية لا تؤدي سوى الحد الأدنى، في حين تستهلك ميزانيات عالية لا تتناسب مع مردودها؟" مؤكداً أن هذا يقود إلى سؤال أكثر جرأة: هل نحن بحاجة فعلًا إلى هذا العدد الكبير من السفارات في العالم؟

ولفت إلى أن الأجدى هو التفكير في بدائل أقل كلفة وأكثر فاعلية، مثل الإبقاء على سفارات محورية في العواصم الأساسية، واعتماد نظام "السفير غير المقيم" لتغطية عدة دول ببعثة واحدة، وتفعيل القنصليات الافتراضية لتقديم الخدمات للجاليات عبر المنصات الرقمية، بدلاً من استنزاف الخزينة ببعثات شبه معطلة، إضافة إلى الاستفادة من الكفاءات الفلسطينية والعربية في الخارج كسفراء غير رسميين ضمن أطر منظمة.

وبيّن سليم أن طبيعة العمل الدبلوماسي تفرض أن تدار السفارات من قبل دبلوماسيين يتم اختيارهم على أساس الكفاءة والمعرفة والخبرة، مشيراً إلى أن الدبلوماسية ليست مجرد منصب بروتوكولي، بل مهنة تحتاج إلى إعداد طويل في اللغات والقانون الدولي والعلاقات الاقتصادية وفنون التفاوض.

وختم بالتشديد على أن إعادة النظر في شبكة التمثيل الدبلوماسي لم تعد ترفًا، بل ضرورة مالية وسياسية، مؤكدًا أن ما لا يخدم مصالح الدولة وجالياتها يجب دمجه أو إغلاقه، وما لا يدار بكفاءة يجب إصلاحه، حتى تتحول السفارات من "مكاتب تمثيل مكلفة" إلى "أدوات حقيقية للقوة الناعمة والدفاع السياسي والاقتصادي عن مصالح الدولة في الخارج".

المصدر / فلسطين أون لاين