لم يكن لاعب منتخب فلسطين الأولمبي السابق، ماجد أبو لبن، يتخيل أن رصاصة واحدة أطلقها جندي إسرائيلي ستقلب حياته رأسًا على عقب، وتبدد أحلامه وطموحاته الكروية، وتحوله من نجم يركض في الملاعب إلى رجل يتكئ على عكازين بحثًا عن لقمة عيش لأطفاله.
أبو لبن، البالغ من العمر 35 عامًا، أصيب قبل الحرب بمرض التليف العضلي، وبدأ رحلة علاجية لم تكتمل، إذ توقفت مع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بسبب تدهور الوضع الصحي في المستشفيات، ونفاد الأدوية.
لعب ماجد خلال مسيرته لعدة أندية في قطاع غزة والضفة الغربية، أبرزها شباب جباليا، الأهلي الفلسطيني، وجبل المكبر، قبل أن تتوقف مسيرته تدريجيًا بفعل الإصابة، ثم تذوب تمامًا تحت وطأة الحرب والإصابة الأخيرة.
يقول ماجد لصحيفة "فلسطين": "كنت آمل أن أتعافى وأعود إلى الملاعب، كنت أبحث عن فرصة جديدة، لكن الرصاصة الإسرائيلية في منطقة توزيع المساعدات في نيتساريم بدّلت كل شيء، أصبت في قدمي، ولم أعد قادرًا على الحركة إلا بواسطة العكازين، وأعاني من آلام لا تحتمل، ناهيك عن الضغط النفسي الناتج عن العجز في توفير الطعام لعائلتي".
يروي أبو لبن تفاصيل لحظات نجاته من موت محقق قائلًا: "استشهد عدد من أصدقائي أمامي، وأُصبت أنا وصديقي، وبقينا ملقَيَين على الأرض أكثر من خمس ساعات دون أي تدخل طبي، بعدها زحفت بجسدي المصاب حتى وصلت إلى من أسعفني للمستشفى".
في مشهد مفجع، تحول ماجد من مدافع عن مرمى فريقه يركض بكل طاقته خلف الكرة، إلى رجل يزحف على الأرض بحثًا عن النجاة، وأبٍ عاجزٍ عن توفير وجبة يسيرة لأطفاله.
لم تتوقف معاناة ماجد عند الإصابة، بل تضاعفت مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها قطاع غزة، حيث يعيش حالة عوز شديد، ويعجز عن توفير الأدوية، أو شراء ما تحتاجه أسرته الصغيرة.
يضيف بحرقة: "الأهداف تغيرت، لم أعد أفكر في الملاعب أو كرة القدم الآن كل ما أبحث عنه هو ما يسد رمق أطفالي، ويوفر لهم الأمان الغذائي. لقد انتهت مسيرتي الكروية تقريبًا".
قصة أبو لبن ليست حالة استثنائية، بل هي جزء من معاناة مئات الرياضيين الفلسطينيين الذين سُجنوا أو قُتلوا أو جُرحوا على يد الاحتلال الإسرائيلي، دون أن تحرّك المؤسسات الرياضية الدولية ساكنًا.
ويتساءل كثيرون، وفي مقدمتهم أبو لبن، عن دور الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الذي لم يفرض أي عقوبات على إسرائيل رغم الأدلة الواضحة على جرائمها بحق الرياضيين وانتهاكها الصريح للقوانين الدولية.
إنها حكاية لاعب أحب كرة القدم، وعاش يحلم بحمل اسم بلده في المحافل الدولية، قبل أن تطفئ الرصاصة حلمه، وتتركه يواجه الجوع والوجع، وحده.

