أعلنت حركة "شاس" الدينية مساء الأربعاء، انسحابها الرسمي من الحكومة الإسرائيلية واستقالة وزرائها من مناصبهم، في خطوة مفاجئة جاءت احتجاجًا على ما وصفته بـ"الاضطهاد المنهجي ضد طلاب التوراة"، في خضم تصاعد التوترات داخل الائتلاف الحاكم بشأن قانون إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية.
ورغم الانسحاب من الحكومة، قررت "شاس" تجميد مشاركتها في العمل الوزاري دون مغادرة الائتلاف بشكل كامل، وهو ما يتيح لها الاحتفاظ بمقاعدها في لجان الكنيست ومواصلة التأثير من الداخل، مع إعلانها عدم التصويت لصالح أي مقترحات لحجب الثقة عن الحكومة حتى انتهاء الدورة الصيفية للكنيست.
ويأتي قرار "شاس" في أعقاب انسحاب حزبَي "ديغيل هتوراه" و"أغودات يسرائيل" المكوّنين لتحالف "يهدوت هتوراه"، احتجاجًا على عدم تمرير قانون إعفاء طلاب المعاهد الدينية من التجنيد الإجباري، ما يعكس حجم الانقسام داخل الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو.
مع انسحاب "شاس" و"يهدوت هتوراه"، تحوّلت حكومة نتنياهو إلى حكومة أقلية لا يتجاوز عدد أعضائها 50 نائبًا في الكنيست المؤلف من 120 عضوًا، ما يضعف قدرتها على تمرير القوانين ويزيد من هشاشتها أمام أية أزمات سياسية جديدة، لا سيما في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة وتحديات الأمن الداخلي.
وبحسب تقارير صحافية، أرجأت "شاس" إعلان الانسحاب حتى تأمين تعيينات إدارية هامة في الوزارات التي كانت تسيطر عليها، من بينها تعيين إسرائيل أوزان مديرًا عامًا لوزارة الداخلية.
في بيان صادر عن "مجلس حكماء التوراة" التابع للحركة، تم التأكيد على أن جميع وزراء "شاس" سيقدّمون استقالاتهم رسميًا من الحكومة. فيما أشار الوزير مئير ملخيئيلي إلى أن القرار جاء ردًا على ما وصفه بـ"التمييز الممنهج ضد العالم التوراتي"، مؤكدا أن الحركة "لن تتعاون مع أجندات اليسار العلماني".
احتمالات حلّ الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة
انسحاب الأحزاب الحريدية يعمّق أزمة الائتلاف الحاكم، ويزيد احتمالات تفككه مع اقتراب نهاية الدورة الصيفية للكنيست في 27 يوليو/تموز الجاري. ووفقًا للقانون الإسرائيلي، يمكن حلّ الكنيست في ثلاث حالات: التصويت على قانون حله، الفشل في تمرير الموازنة، أو نهاية ولايته القانونية.
لكن خلال العطلة البرلمانية الصيفية – الممتدة من 28 يوليو حتى 19 أكتوبر – من شبه المستحيل تمرير قوانين أو التصويت على حل الكنيست، ما يعني أن أي تغيير جوهري قد يُؤجَّل إلى الدورة الشتوية المقبلة.
وتشير التقديرات إلى أن فرص حل الكنيست سترتفع في حال استمرار الجمود التشريعي، خصوصًا إذا لم تُحلّ أزمة "قانون التجنيد"، أو في حال فشل الحكومة في تمرير الميزانية العامة حتى نهاية مارس 2026، ما يؤدي تلقائيًا إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات خلال 3 أشهر.
نتنياهو في مأزق استراتيجي
أمام هذا المشهد، يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه في وضع سياسي حرج، إذ بات يعتمد على حكومة أقلية تفتقر إلى الأغلبية البرلمانية، وسط ضغوط داخلية متزايدة من الشارع الإسرائيلي، ومطالب دولية بوقف الحرب على غزة، فضلًا عن خلافات داخل "الليكود" نفسه بشأن توقيت الانتخابات المبكرة.
ورغم أن نتنياهو لا يبدو في عجلة نحو حلّ الكنيست، فإن تزايد الانقسامات داخل معسكره وتراجع الثقة الشعبية في أدائه قد تدفعه إلى اتخاذ خطوات مفاجئة خلال الدورة الشتوية القادمة، خصوصًا إذا تعثّرت صفقة التبادل مع حماس، أو ظهرت مؤشرات على إعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي بدفع أمريكي محتمل مع اقتراب الانتخابات الأميركية.

