فلسطين أون لاين

من الاستنزاف إلى مصطلح الأسر... خبير عسكريّ: عمليَّة عبسان تكشف التَّحوُّل الميدانيَّ

...
من الاستنزاف إلى مصطلح الأسر.. خبير عسكري: عملية عبسان الأخيرة تكشف التحوّل الميداني
متابعة/ فلسطين أون لاين

لم تكن عملية كتائب القسام شرق عبسان الكبيرة جنوب خانيونس حدثاً عابراً في سياق العمليات اليومية، بل يمكن اعتبارها تحولاً ميدانياً نوعياً في مسار المواجهة، وانتقالاً واضحاً من حالة الاستنزاف إلى محاولة الأسر، وهو مصطلح يحمل في تفاصيله ما يتجاوز الفعل العسكري إلى الأثر الاستراتيجي والسياسي على طاولة المفاوضات.

فبعد ساعات من تصريح المتحدث العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، الذي حذر بوضوح من أن استمرار العدوان والمماطلة في المفاوضات قد يؤدي إلى فرص جديدة للأسر، جاءت عملية عبسان لتثبت أن التهديد ليس إعلامياً بل تنفيذياً، وأن المقاومة تتحرك وفق خطة تكتيكية محسوبة.

ماذا جرى في عبسان؟

أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن مقاتليها حاولوا أسر جندي إسرائيلي جنوب قطاع غزة.

وأكدت "القسام"، في بيان مقتضب اليوم الأربعاء، أن مقاتليها تمكنوا صباح اليوم من من الإغارة على تجمع لجنود وآليات العدو في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس استهدفوا دبابة "ميركفاه" وناقلة جند بقذائف "الياسين 105"، واستهدفوا حفّارين عسكريين بقذائف "الياسين 105" واشتبكوا مع جنود الاحتلال بالأسلحة الخفيفة من مسافة الصفر.

وبينت "القسام" أن الاشتباك كان من مسافة قريب ما دفع مقاتليها إلى محاولة أسر أحد الجنود، وأشارت إلى أن الظروف الميدانية لم تسمح بأسره، ما دفعهم للقيام بالإجهاز عليه واغتنام سلاحه.

من جهته، قال المختص في الشأن العسكري، رامي أبو زبيدة، إن العملية التي نفذتها كتائب القسام صباح اليوم شرق عبسان الكبيرة جنوب خانيونس، تمثل نقطة تحول مهمة في تكتيك المقاومة، وتؤشر إلى مرحلة جديدة عنوانها: ربط الميدان بملف الأسرى، وتوسيع قواعد الاشتباك دون انتظار نتائج المفاوضات.

وأضاف أبو زبيدة، في تعليقه على عملية القسام، اليوم، أن الكمين الذي نفذه مجاهدو القسام، والذي تخلله استهداف دبابة "ميركافا" وناقلة جند وحفّارات عسكرية، يؤكد أن الكتائب لا تعمل بمنطق الدفاع فقط، بل باتت تنتقل تدريجياً إلى الهجوم المبادر والتكتيكي، في ظل بيئة قتال معقّدة يتحكم بها الاحتلال بغطاء جوي كثيف.

وأوضح أن محاولة القسام أسر أحد جنود الاحتلال خلال الاشتباك المباشر تعكس ما وصفه بـ"نضج القرار العملياتي"، مردفًا: "حين تحاول المقاومة تنفيذ أسر ميداني في ذروة المواجهة، فهذا يعني أن مصطلح 'الأسر' لم يعد ورقة تفاوضية أو أداة ضغط إعلامية فقط، بل خيار ميداني حقيقي يجري تنفيذه في الميدان دون انتظار."

وأشار أبو زبيدة إلى أن عملية عبسان جاءت بعد ساعات من تصريح المتحدث باسم القسام "أبو عبيدة"، الذي أكد فيه أن معركة الاستنزاف قد تتحول في أي لحظة إلى عمليات أسر جديدة.

وأضاف: "هذه ليست مصادفة زمنية، بل رسالة نارية تؤكد أن الوقت لم يعد في صالح الاحتلال، وأن كل تأخير في المفاوضات يفتح نافذة إضافية أمام المقاومة لتوسيع الفعل الميداني، سواء عبر القتل أو الأسر أو كليهما."

وأوضح أبو زبيدة إن استخدام قذائف "الياسين 105" ضد آليات متقدمة مثل الدبابات والحفارات يدل على إدراك تكتيكي من القسام لأهمية شل قدرات الاحتلال على التوغل والهندسة الميدانية، مضيفاً أن ذلك يحقق ثلاثة أهداف عسكرية متزامنة: إنهاك قوة الاحتلال، وإرباك منظومة الإخلاء، إلى جانب فتح مجال لمحاولة أسر.

وأوضح أن الاشتباك وجهاً لوجه الذي خاضه مجاهدو القسام في عبسان، لا يشير فقط إلى جرأة قتالية عالية، بل إلى سيطرة تكتيكية مؤقتة سمحت لهم بالاقتراب من الجنود الإسرائيليين.

وتابع حديثه: ""أن تصل المقاومة لمرحلة الاشتباك القريب مع القوة الغازية، وتحاول أسر جندي، ثم تنسحب بسلام بعد اغتنام سلاحه، فهذا بحد ذاته خلل أمني كبير في صفوف الاحتلال".

وحول الدلالة الزمنية، بين المختص بالشؤون العسكرية، أن التوقيت السياسي للعملية لا يقل أهمية عن بُعدها العسكري، خاصة في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة في الدوحة، مشيراً إلى أن القسام أرسل رسالة واضحة مفادها أن الميدان ليس مجمداً في انتظار النتائج.

وأضاف أن "عملية الأسر التي لم تكتمل" يجب ألا تُقرأ كفشل، بل كتحذير مبطّن،مضيفًا:"نجا الجندي هذه المرة، لكن في المرة المقبلة قد لا تسعفه طائرات الإخلاء ولا هندسة الميدان."

ختم أبو زبيدة تحليله بالقول إن كتائب القسام تتصرف اليوم كقوة عسكرية منظمة، تمتلك زمام المبادرة في بيئة قتال غير متكافئة. وأضاف أن ما حدث في عبسان يفتح الباب أمام مرحلة تصعيد ميداني تحكمها منطق القوة وليس فقط منطق التفاوض.