مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية حاليًا على محافظة خان يونس جنوبي القطاع، حيث يسعى جيش الاحتلال لتطبيق خطة تطويق للمقاومة الفلسطينية عبر الهجوم من المحورين الشمالي والجنوبي، في محاولة لعزل المدينة وإفراغها من المدنيين.
في تحليل عسكري، قال العميد الركن إلياس حنا، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن الجيش الإسرائيلي بات يتّبع استراتيجية جديدة تقوم على التقدم البطيء والبقاء، لا الاجتياح السريع، مستعينًا بطائرات مسيّرة تُشغَّل عن بُعد عبر وحدات يقودها مجندات في الجيش، وخرائط رقمية تُحدد فيها المناطق الصالحة للتقدم (باللون الأخضر) والمناطق المحظورة أو شديدة الخطورة (باللون الأحمر).
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تقليل الخسائر البشرية الإسرائيلية في الميدان، والضغط المتدرج على المقاومة، ما يشير إلى تغيّر في قواعد الاشتباك مع حركات المقاومة التي أظهرت قدرة عالية على امتصاص الهجوم والمبادرة بهجمات مضادة دقيقة.
أوضح حنا أن الخطة الإسرائيلية تتضمن تطويق خان يونس بين "كفَّي كماشة"، تمهيدًا لإجبار السكان على النزوح نحو منطقة المواصي الساحلية، وإفراغ المناطق القتالية لتسهيل الاشتباك المباشر مع المقاومة في بيئة أقل كثافة سكانية.
وتهدف الخطة، وفقًا للعميد حنا، إلى احتلال ما يصل إلى 75% من أراضي القطاع، دون نية واضحة لحسم عسكري شامل، بل ضمن أهداف سياسية متصلة بالمفاوضات.
رغم التقدم البطيء، تواجه قوات الاحتلال عقبات ميدانية خطيرة أبرزها قدرة فصائل المقاومة على شن هجمات تكتيكية نوعية. فالقتال لا يتم عبر خطوط تماس ثابتة، بل تتحرك المقاومة وفق مبدأ "الهجوم عند توافر الهدف"، وهو ما حدث مؤخرًا حين قتلت المقاومة 4 جنود إسرائيليين في خان يونس، ما أوقف تقدمًا ميدانيًا كان قد حظي بالضوء الأخضر.
وعلى الصعيد السياسي، قال حنا إن هدف الخطة الإسرائيلية في قطاع غزة هو الضغط على المقاومة حتى تقدم تنازلات في موضوع المفاوضات ولتجنب الخسائر في صفوف قوات الاحتلال، لافتا إلى قدرة المقاومة الفلسطينية على إحباط الخطة الإسرائيلية.
وتشهد مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ أسابيع تصعيدا ميدانيا عنيفا، في ظل توغل قوات الاحتلال في شمال وجنوب القطاع، حيث تدور مواجهات واشتباكات متواصلة مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي تؤكد تكبيد القوات المهاجمة خسائر في الأرواح والعتاد.
وقد قُتل 8 جنود إسرائيليين خلال الأسبوع الأخير فقط في قطاع غزة، بحسب ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وبحسب رواية جيش الاحتلال فقد قتل 862 جنديا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 420 قتلوا بمعارك في قطاع غزة. وطبقا للمعطيات، فقد أصيب 5921 جنديا منذ بداية الحرب، بينهم 2687 خلال المعارك البرية في القطاع الفلسطيني.

