وثق المرصد الأورومتوسطي شهادات ميادنية عن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب عناصر من عصابة مسلّحة شكّلها بنفسه، النار مباشرة على مئات المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع مساعدات أنشأها الجيش غربي رفح، ما أسفر حتى الآن عن ارتقاء 14 فلسطينيًا، في مشهد يجسّد تحوّل هذه العصابات إلى أدوات تنفيذ ميدانية لسياسة القتل الجماعي.
وقال المرصد الحقوقي، في بيان صحافي، اليوم الإثنين، إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم عصابة مسلحة محلية متورطة في سرقة المساعدات، إلى جانب مرتزقة أجانب يتبعون شركة أمنية أميركية خاصة، في قتل المدنيين الفلسطينيين المُجوَّعين قرب نقاط توزيع مساعدات غذائية في مدينة رفح، علاوة على توظيفهم لتنفيذ مهام أخرى متعلقة بإثارة الفوضى والفلتان، في إطار التدمير الشامل لمقومات الحياة وسبل الحياة في قطاع غزة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ فرقه تحققت من إفادات أكثر من 12 شاهدًا، من بينهم عدد من المصابين في الأحداث الدامية التي وقعت صباح اليوم في منطقة "العَلَم" غربي رفح، خلال محاولة المدنيين الحصول على مساعدات غذائية.
وبحسب الشهادات، توجّه حشد من السكان المُجوَّعين إلى المنطقة بعد تداول معلومات عن وجود مساعدات، ليتفاجؤوا بتقدّم مركبات عسكرية مصفّحة رباعية الدفع تقلّ مسلحين يرتدون زيًا عسكريًا يحمل شعارات "جهاز مكافحة الإرهاب الفلسطيني" إلى جانب علم فلسطين، وهو زيّ خاص بعصابة مسلّحة أنشأها "ياسر أبو شباب" وتعمل بتنسيق مباشر مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتتخذ من مناطق سيطرته مقرًا لها.
وفي غضون ذلك، أصدر عناصر العصابة أوامر للمدنيين بالاصطفاف في طابور طويل، ثم سرعان ما أمروهم بالتفرق وأبلغوهم بعدم وجود مساعدات اليوم، لكن الحشود، مدفوعة بالجوع واليأس، واصلت التقدّم نحو نقطة التوزيع، لتُقابَل بوابل من الرصاص المباشر أطلقه عناصر العصابة الخاضعة لإمرة الاحتلال، ما أسفر عن إصابات في صفوف المدنيين. وحين حاول شقيق أحد الجرحى الاعتراض على إطلاق النار على أخيه، أطلقوا النار عليه هو الآخر من مسافة قريبة، ما أدى إلى إصابته مباشرة، ويُرجّح أنه قُتل في المكان.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه مع تصاعد التوتر وفقدان العصابة المسلحة السيطرة على الموقف، انسحب أفرادها باتجاه مواقع تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي سارعت إلى التدخل وشاركت إلى جانبهم في إطلاق نار على نحو عشوائي ومباشر بواسطة الآليات العسكرية وطائرات "كوادكابتر"، وطائرات مروحية من طراز "أباتشي"، ما أسفر عن تفريق الحشود بالقوة، ارتقاء ما لا يقل عن 14 مدنيًا وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي تلقيه معلومات موثّقة تفيد بإطلاق أحد المرتزقة الأجانب العاملين ضمن الشركة الأمنية الأميركية المشرفة على مركز توزيع المساعدات، النار مباشرة على أحد المدنيين ما أدى إلى مقتله، إلى جانب استخدام قنابل الغاز عدة مرات لتفريق طالبي المساعدات.
وأشار إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أقرّ صراحةً بتشكيل عصابة مسلّحة من ميليشيات قبلية تُعرف بـ"عصابة أبو شباب"، لتنفيذ مهام قتالية في قطاع غزة، في حين تُظهر المعطيات التي جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه العصابة متورطة في نهب المساعدات، بما في ذلك شاحنات تابعة للأمم المتحدة، عبر عمليات سطو مسلح تجري تحت حماية طائرات "كوادكابتر" إسرائيلية، قبل نقل المواد المنهوبة إلى مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال، حيث تُباع بأسعار باهظة.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى تورط هذه العصابة المسلحة في حوادث متكررة أطلقت خلالها النار عمدًا على حشود المدنيين المتجمهرين عند نقاط توزيع المساعدات أو على طول مسارات مرور الشاحنات، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم نساء وأطفال، في مشهد دموي يكشف تحويل الاحتلال مأساة الجوع إلى أداة ممنهجة للقتل الجماعي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ عناصر الشركة الأمنية الأميركية الخاصة، الذين يعملون ضمن نقاط توزيع المساعدات التي فرضها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ينخرطون في سلوكيات ذات طابع قتالي ضد السكان المدنيين، ويؤدّون مهامًا ميدانية بتنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي، الذي يزوّدهم بالسلاح والمعدّات ويوجه لهم أوامر عملياتية على الأرض.
وشدّد على أنّ "عصابة أبو شباب" تشكّل قوة مسلّحة غير نظامية محلية أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي وتعمل تحت إشرافه الميداني، إذ تتلقى منه الدعم اللوجستي والتسليحي، وتنفذ مهامًا أمنية وميدانية تُسهّل فرض السيطرة على السكان، بما في ذلك تفريق الحشود، منع الوصول إلى المساعدات، وارتكاب جرائم قتل وأعمال عنف بحق المدنيين.

