نفذت قوة خاصة إسرائيلية "مستعربون"، عملية اغتيال طالت القيادي بألوية الناصر أحمد سرحان في خانيونس جنوبي القطاع، واعتقلت زوجته وأطفاله، في جريمةٍ مروعة جديدة يسجِّلها الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعيَّة المتواصلة على قطاع غزّة.
وتشير المعلومات وفقًا لشهود عيان، إلى أن قوة خاصة إسرائيلية مكونة من 9 أشخاص تنكروا بزيّ نساء كانت تستقل حافلة بيضاء اللون تحمل لوحة محلية، وصلت إلى "منطقة الكتيبة" التي تبعد نحو 5 كيلومترات عن الحدود الشرقية الفاصلة بين غزة والأراضي المحتلة، قبل أن ينفضح أمرها.
وبحسب شهود العيان في مكان الحدث فقد وصل "باص" يبدو من مظهره الخارجي أنه يحمل أمتعة عائلة فلسطينية نازحة من المناطق الشرقية لخان يونس، والتي باتت مسرحًا لعمليات الاحتلال، وتريد أن تستقر في ملجأ أكثر أمنًا.
وما إن نزلت القوة الخاصة المتمثلة "بالنساء التسع" من الباص حتى بدأ إطلاق الرصاص بشكل كثيف في المكان، بالتزامن مع قصف الطائرات الحربية منزلًا مجاورًا أدى لاستشهاد 6 أشخاص، ومن ثم شنت غارات كثيفة على أماكن مختلفة في مدينة خان يونس.
ويشير شهود العيان إلى أن القوة الخاصة كانت تحمل فراشا وأغطية كالتي يحرص النازحون على حملها عند انتقالهم من مكان لآخر، لكن تبين فيما بعد أنها قفص حديدي كان مملوءًا بالأسلحة وملفوفًا حوله ما يشبه أمتعة النازحين.
وترجح مصادر أمنية، أن تكون القوة الخاصة خصصت القفص لوضع أسير فلسطيني بداخله إن نجحت باختطافه، ولفه بالأغطية التي شكلتها على هيئة فراش وأمتعة كي تعود أدراجها بشكل طبيعي دون أن تظهر أي حركة غريبة في المكان تكشف أمرها.
أعاد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي لعملية خاصة "فاشلة" عبر قوة من "المستعربين" في خانيونس، انتهت بإعدام فلسطيني واعتقال زوجته وأطفاله من داخل منزلهم، تسليط الضوء على هذه الوحدات التي تستخدم التمويه والخداع من أجل تنفيذ عملياتها.
ما أخطر وحدات "المستعربين" في جيش الاحتلال؟
في زوايا مظلمة، تقبع وحدات إسرائيلية خاصة يُطلق عليها اسم "وحدات المستعربين" – فرق مدربة بشكل عالٍ للتخفي بين الفلسطينيين، والاندساس في صفوفهم بملامح ولهجة وعادات محلية، لتنفيذ عمليات اعتقال أو اغتيال.
وتُعد وحدات المستعربين الإسرائيلية من أكثر التشكيلات العسكرية والاستخباراتية سرية وتعقيدًا، حيث تعتمد على التمويه والتخفي ضمن السكان الفلسطينيين لتنفيذ عمليات اعتقال أو اغتيال أو جمع معلومات استخباراتية.
لكن ما هي هذه الوحدات؟ وكيف تعمل؟ وما أبرز جرائمها؟
من هم المستعربون؟
"المستعربون" (بالعبرية: مستعرفيم) هم جنود إسرائيليون يتقنون اللهجة الفلسطينية والعادات المحلية، وينفذون عملياتهم بالزي المدني. يتبعون وحدات خاصة في الجيش أو جهاز "الشاباك"، ويعملون عادة في مدن وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى داخل أراضي 48.
وبدأ الفلسطينيون بتداول اسم "المستعربين" في الانتفاضة الفلسطينية الأولى (الحجارة) التي اندلعت عام 1987، ثم الانتفاضة الثانية (الأقصى) عام 2000.
واشتق اسم هذه الوحدة من طريقة تنكر أفرادها، إذ غالبا ما يرتدون ملابس مشابهة لتلك التي يرتديها الفلسطينيون ويضيفوا إليها الكوفية الفلسطينية، أما النساء فيرتدين الحجاب.
وخلال الانتفاضتين وغيرهما من الاحتجاجات الفلسطينية ضد اعتداءات الاحتلال، كان أفراد هذه الوحدة يتغلغلون وسط المحتجين قبيل تنفيذ مهمة اغتيال أو اعتقال نشطاء.
وعادة ما يستخدمون سيارات تحمل لوحات فلسطينية للتنكر أثناء اقتحامهم البلدات والمخيمات الفلسطينية لتنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقال.
ويتزايد اعتماد إسرائيل على وحدة "المستعربين" في ظل تكثيف عملياتها في الضفة الغربية المحتلة، على وقع حرب مدمرة تشنها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
- أبرز وحدات المستعربين:
وحدة دوفدوفان (وحدة 217)
- تتبع لقيادة القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي.
- تنشط في الضفة الغربية بشكل أساسي.
- متخصصة في الاغتيالات وعمليات الخطف في قلب المدن الفلسطينية.
وحدة "يمام" (الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب)
- تتبع لجهاز الشرطة الإسرائيلي، لكنها تنفذ عمليات ميدانية على غرار العمليات العسكرية.
- تمزج بين مهمات مكافحة "الإرهاب" والاندساس الاستخباراتي.
وحدة "شمشون"
- نشطت في قطاع غزة قبل الانسحاب عام 2005، ويُعتقد أن لها امتدادات غير معلنة في المناطق الحدودية.
- استخدمت المستعربين في عمليات تصفية واعتقال.
تكتيكات العمل:
- يتنكر عناصر الوحدة في أزياء فلسطينية.
- يتظاهرون بالإصابة أو يركبون سيارات إسعاف أو عربات خضار.
- يتسللون خلال الاحتجاجات أو اقتحام البيوت ليعتقلوا أو يغتالوا أهدافًا محددة.
- يعتمدون على معلومات استخباراتية دقيقة ومرافقة جوية أحيانًا.
* أبرز الجرائم والانتهاكات:
- اغتيال الشهيد عمر أبو ليلى (2019) بعد أيام من تنفيذ عملية "أرئيل"، بعملية خاصة نفذها المستعربون في قرية عبوين شمال رام الله.
- عملية اقتحام جنين (2023): نفذت وحدة مستعربين اغتيالًا في وضح النهار، وقتلت 3 فلسطينيين داخل مركبتهم، بينهم مقاومون كانوا مطلوبين.
- اقتحامات المخيمات: في بلاطة، جنين، نور شمس، وشعفاط، وثقت منظمات حقوقية حالات إطلاق نار مباشر من المستعربين على شبّان عُزّل، وتنفيذ اعتقالات تعسفية.
- يشار إلى أنه في يونيو/حزيران عام 2024 تسللت قوة إسرائيلية خاصة بشاحنة مدنية خلال عملية تحرير إسرائيليين احتجزتهم المقاومة في مخيم النصيرات وسط القطاع، واستخدم الجيش الإسرائيلي الكثافة النارية والقصف المفاجئ بالسيناريو ذاته.
- كما كشفت كتائب القسام في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018 تسلل قوة خاصة الى المناطق الشرقية من خان يونس، خلال محاولتها تنفيذ عملية داخل قطاع غزة، واشتبكت معها مما أدى لهروبها من المكان تحت غطاء ناري كثيف.

