أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عن الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، في خطوة جاءت نتيجة اتصالات مباشرة أجرتها الإدارة الأميركية مع الحركة بعيداً عن إسرائيل، ووصفت بأنها اختراق دبلوماسي قد يشكل منعطفاً في مسار الحرب والمفاوضات المتعلقة بقطاع غزة.
وأكدت حماس في بيان رسمي أن الإفراج عن ألكسندر جاء بعد "اتصالات مع الإدارة الأميركية" وفي إطار جهود الوسطاء لوقف إطلاق النار وفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وفيما غابت إسرائيل عن هذا التفاوض المباشر، بدا واضحاً أن القرار الأميركي بعقد هذه القناة المنفصلة مع حماس كان متعمداً ومتجاوزاً للتمسك الإسرائيلي بشروط مسبقة ظلت تعرقل أي تقدم في ملف الأسرى.
ما الخطوة التالية؟
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الولايات المتحدة وحماس فتحتا قناة اتصال غير معلنة خلال الأيام الماضية، بعيدة عن التنسيق الإسرائيلي، وهو ما شكل خرقاً ملموساً في جدار الجمود السياسي. فقد بدت تل أبيب متمسكة برؤيتها الأحادية لملف التفاوض، وفق ما نقل الصحفي إلياس كرام عن مصادر قريبة من الوفود.
وتحدث التقارير، عن ضغط أميركي متزايد على حكومة نتنياهو خلال الساعات الأخيرة لتسهيل الإفراج عن ألكسندر، في وقت تكثفت فيه تحركات الصليب الأحمر داخل القطاع، تحضيراً للعملية التي تمت مساء الاثنين، وفق إعلان رسمي من كتائب القسام.
من جهته، كشف الصحفي تامر المسحال عن تعهدات واضحة من الوسطاء لحركة حماس بفتح ممر آمن لتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو ما اعتُبر مؤشراً عملياً على بداية تراجع السياسة الإسرائيلية التي اعتمدت على الحصار والتجويع للضغط على المقاومة والشعب الفلسطيني.
وأضاف المسحال أن "هذا الاتفاق جرى بعيداً عن أعين إسرائيل التي كانت تحاول فرض شروطها بورقة تفاوضية ضيقة، لكنه يشكّل كسراً لنهج التجويع الذي ساد خلال الشهرين الماضيين".
ونقل المسحال عن مصادر أن عملية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة ستتسارع بعد الإفراج عن ألكسندر، حيث تعهد الوسطاء أمس الأحد لحركة حماس بفتح ممر آمن، وهو ما يجري بحثه الآن بمشاركة الولايات المتحدة.
ويثمل هذا الاتفاق كسرا لسياسة التجويع التي فرضتها إسرائيل طيلة الشهرين الماضيين لإجبار الفلسطينيين على القبول بشروط بنيامين نتنياهو، والذي قرر -بعد هذا الاتفاق الذي جرى بعيدا عنه- إرسال وفد جديد للدوحة لبحث التفاوض على بقية الأسرى.
وأوضح المسحال أن الحديث يجري حاليا على تطبيق مقترح ويتكوف التي رفضتها إسرائيل وتحفظت عليها حماس، لكنها لا تنص على نزع سلاح المقاومة.
وسيفتح الإفراج عن ألكسندر الباب أمام محاولة جديدة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لسكان القطاع، وبدءا من غدا الثلاثاء ستتمحور المفاوضات حول بنود بعيدة عما حاولت إسرائيل فرضه، وفق المسحال.
انعكاسات سياسية داخل إسرائيل
وعلى المستوى الداخلي، أشعل الإفراج عن ألكسندر غضب عائلات الأسرى الذين صعّدوا من هجومهم على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بالكذب والخداع تجاه الأميركيين و"خيانة الثقة" التي أولوها له.
وقالت عائلات الأسرى في بيان لهم "على إدارة ترامب أن تعلم أن نتنياهو يخدعها كما يخوننا"، مشددين على أنه "لا يمكن التوصل إلى أي صفقة تبادل دون تقديم تنازلات، وأن توسيع القتال لن يعيد الأسرى بل سيطيل أمد الحرب".
وتلبيةً لطلب أميركي وتلك الضغوط، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها سترسل وفداً تفاوضياً جديداً إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء، فيما أفادت مصادر أميركية لشبكة "سي إن إن" بأن المفاوضات بعد إطلاق سراح ألكسندر ستنتقل فوراً إلى البحث في اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.
ويُتوقع أن تشمل المفاوضات القادمة بنوداً أبعد من الطروحات الإسرائيلية السابقة، خاصة أن المقترحات الأميركية التي يجري بحثها الآن – وفق ما قال المسحال – لا تتضمن نزع سلاح المقاومة.