قال العميد المتقاعد اللبناني إلياس حنا، الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، إن فشل منظومتي الدفاع الجوي الإسرائيليتين "مقلاع داود"، و"ثاد" الأميركية في اعتراض الصاروخ الذي أطلقته جماعة أنصار الله الحوثية تجاه مطار "بن غوريون"، يمثل "فضيحة دفاعية من العيار الثقيل" و"ضربة موجعة" لصورة (إسرائيل) أمام العالم كقوة مهيمنة على المجال الجوي في المنطقة.
وأكد حنا لصحيفة "فلسطين": "ما جرى ليس مجرد حادث تقني أو فشل تقني موضعي، بل مؤشر خطير على تآكل فعالية منظومة الدفاع الجوي متعددة الطبقات التي طالما روّجت لها إسرائيل والولايات المتحدة كحاجز منيع ضد التهديدات البعيدة المدى".
وأوضح أن فشل صاروخ "مقلاع داود"، الذي يُفترض به اعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، إلى جانب منظومة "ثاد" الأميركية المتقدمة، "يطرح أسئلة جوهرية حول قدرة (إسرائيل) على تأمين سمائها في ظل حرب متعددة الجبهات تمتد من غزة إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق".
وأضاف حنا: "هذه ليست مجرد ضربة عسكرية، بل ضربة في صميم العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي تقوم على التفوق والردع المطلق. عندما تفشل كل هذه الأنظمة المتطورة أمام صاروخ قادم من اليمن، فهذا يعني أن التوازن تغير".
وأشار إلى أن "(إسرائيل) كانت تُصدّر منظوماتها الدفاعية إلى العالم، وتتباهى بفعاليتها، لكنها اليوم تتلقى الضربات في قلب مطاراتها، فيما العالم يشاهد صواريخ تمر فوق دفاعاتها كأنها غير موجودة".
وشرح حنا أن الفشل يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية: أولا: مرونة المسار والمسافة "إذ أن الصاروخ اليمني قد يكون من النوع المعدّل محليًا، الذي يسلك مسارًا غير تقليدي مع ارتفاعات متفاوتة ما يصعّب على الرادارات تتبعه بدقة".
والسبب الثاني، والحديث للخبير العسكري، هو الإرهاق الدفاعي الإسرائيلي "فمنظومة الدفاع الإسرائيلية تعمل فوق طاقتها منذ أشهر. الاعتراضات اليومية من جبهات مختلفة تضع ضغطا رهيبا على المنظومات وعلى الطواقم المشغّلة".
وأضاف حنا: "والسبب الثالث هو استراتيجية الإغراق، فإذا تم إطلاق أكثر من صاروخ، حتى لو كان واحد فقط هو المتوجه نحو الهدف الحقيقي، فإن الدفاع الجوي يُربك، ويصبح أكثر عرضة للفشل".
وتابع حنا قائلاً: "علينا أن نقرأ هذا التطور في سياقه الأوسع: (إسرائيل) أرادت أن تظهر كقوة إقليمية متفوقة، تدير المعركة في غزة وتردع اليمن وتضبط الحدود مع لبنان.. لكن ما نراه اليوم هو العكس تمامًا. الردع يتآكل، والجبهات تتكامل".
وختم بالقول: "هذه الضربة تُظهر أن محور المقاومة لم يعد يعتمد فقط على الرمزية، بل بات يمتلك أدوات فعالة تُحدث إرباكًا فعليًا في عمق الكيان، وتُجبره على إعادة النظر في تصوراته الأمنية".