فلسطين أون لاين

استمرار الوضع الراهن في غزة يهدد الأمن الإقليمي

بدوية لـ "فلسطين": رأي محكمة العدل يُلزم الاحتلال بإدخال المساعدات لغزة

...
بدوية لـ "فلسطين": رأي محكمة العدل يُلزم الاحتلال بإدخال المساعدات لغزة
غزة/ نور الدين جبر:

أكد الخبير في القانون الدولي د. رائد بدوية، أن محكمة العدل الدولية بدأت بعقد مرافعات شفوية بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف الحصول على رأي استشاري قانوني بشأن إجراءات الاحتلال بحق وكالة الأونروا، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشدداً في الوقت ذاته على أن استمرار الوضع الراهن في غزة يهدد الأمن الإقليمي والمصالح الحيوية لدول الجوار.

وبدأت الاثنين الماضي، مداولات محكمة العدل الدولية في لاهاي، حول قرار الاحتلال منع وكالة (أونروا) من العمل. وستركز الجلسات التي تستمر على مدار خمسة أيام على عدة قضايا تتعلق بالتزامات (إسرائيل) القانونية تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك "أونروا"، ومسؤوليتها عن ضمان الإمداد دون عوائق، بالمواد الأساسية للسكان المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن شرعية حظر إسرائيل لعمليات "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتأتي هذه الخطوة وسط تصاعد التوترات الدولية، مع تحذيرات من تداعيات خطيرة على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، فيما تطالب أطراف عدة بمحاسبة (إسرائيل) على انتهاكها المواثيق الدولية.

وأوضح بدوية في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن هذا الرأي الاستشاري يهدف إلى توضيح ما إذا كان من القانوني لدولة عضو في الأمم المتحدة أن تمنع عمل منظمة إغاثية دولية، وتعيق إدخال مساعدات إنسانية إلى شعب واقع تحت الاحتلال.

وقال "رغم أن الرأي الاستشاري غير ملزم قانونيًا، إلا أنه يحمل ثقلاً معنوياً وسياسياً كبيراً، خاصةً عندما يصدر عن أعلى هيئة قضائية دولية ويُوجَّه إلى أجهزة الأمم المتحدة التي يفترض ألا تخالف ما طلبته بنفسها".

وأكد أن القانون الدولي يُلزم دولة الاحتلال بتوفير هذه الاحتياجات الأساسية للسكان بنفسها، وفي حال عجزها، فلا يجوز لها عرقلة دخول المساعدات من جهات أخرى، مشيراً إلى أن الرأي الاستشاري الذي ستصدره محكمة العدل إيجابي لصالح الشعب الفلسطيني من حيث انه يُلزم الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وكذلك عدم منع المنظمات الإنسانية العاملة في القطاع.

وأشار إلى أن محكمة العدل الدولية لا تفصل في هذا السياق بين دولتين، بل تؤدي دور المستشار القانوني للأمم المتحدة، وهو دور منصوص عليه في ميثاق المنظمة الدولية.

وحول المضمون المتوقع لهذا الرأي، رجّح بدوية أن تؤكد المحكمة على وجود التزام قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني يفرض على دولة الاحتلال السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى الأراضي المحتلة.

وشدد على أن دولة فلسطين هي الجهة صاحبة الصلاحية القانونية لدعوة المنظمات الدولية للعمل داخل الأراضي المحتلة، وليس لـ(إسرائيل)، باعتبارها قوة احتلال، أن تمنعها.

وأشار إلى أن هذا الرأي يتكامل مع رأي استشاري سابق للمحكمة وصف الاحتلال الإسرائيلي بـ"الاحتلال غير الشرعي طويل الأمد"، داعيًا المجتمع الدولي لإنهائه، مستبعداً في الوقت ذاته عدم التزام الاحتلال في الرأي الصادر عن محكمة العدل، كونها لم تنفذ أي قرارات سابقة من هذا النوع.

ولن تشارك (إسرائيل) في الإجراءات الشفوية، لكنها قدمت بياناً مكتوباً إلى المحكمة. ومن المقرر أن تشارك العشرات من الدول الأخرى في تقديم مداخلات أمام قضاة المحكمة الخمسة عشر برئاسة القاضي الياباني يوجي إيواساوا.

عقبات كبيرة

ورغم أهمية هذا الرأي، إلا أن بدوية رأى أن تنفيذه على أرض الواقع سيواجه عقبات كبيرة بسبب غياب أدوات الإلزام في القانون الدولي، وغياب آلية تنفيذية قوية تضبط سلوك الدول مثل (إسرائيل)، التي سبق وتجاهلت أوامر مؤقتة صادرة عن المحكمة نفسها في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا.

ووفق قوله، فإن الضغط السياسي والاقتصادي، و"فرض الأمر الواقع بالقوة" من دول إقليمية كبرى مثل مصر وتركيا ودول عربية أخرى، قد يكون الحل الأخير لدخول المساعدات.

وأكد أن (إسرائيل) لن تجرؤ على المواجهة العسكرية إذا ما واجهت تحركًا جماعيًا إقليميًا ودوليًا منظمًا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة توفر المظلة السياسية لدولة الاحتلال والدول الغربية متردد في ممارسة أدوات إجبارية ضد الاحتلال، وهو ما شجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

التجويع "جريمة حرب"

إلى ذلك عدّ الخبير في القانون الدولي استخدام الاحتلال لسلاح التجويع ضد سكان غزة "جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية"، مشيراً إلى أن القانون الدولي يحظر استهداف المدنيين وفرض ظروف معيشية قاتلة عليهم.

وبيّن أن ما يجري في غزة يُصنّف في سياق "الإبادة الجماعية" إذا رُبط بسياق التهجير القسري والتطهير العرقي.

ودعا بدوية، الدول العربية والإسلامية إلى بلورة موقف موحد، مدعوم بالرأي الاستشاري المرتقب، من أجل فرض إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

تجدر الإشارة إلى أن (إسرائيل) منعت عمل "أونروا" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وستناقش الجلسات شرعية وآثار الإجراءات الإسرائيلية ضدها والتزاماتها الأوسع باعتبارها قوة احتلال، ودولة عضواً في الأمم المتحدة.

المصدر / فلسطين أون لاين