فلسطين أون لاين

​مؤرخون يطالبون الفلسطينيين بمواصلة الكفاح لاستعادة حقوقهم

...
غزة - نور الدين صالح

طالب مؤرخون فلسطينيون بضرورة الاستمرار في الكفاح ضد المستعمر البريطاني واليهودي القديم والجديد، من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة ومن بينها وعد بلفور "المشؤوم".

جاء ذلك خلال ندوة نظمها مجلس العلاقات الدولية اليوم الخميس، تحت عنوان "وعد بلفور.. نكبة مستمرة" في قاعة الهلال الأحمر بمدينة غزة، بحضور نخبة من الكتاب والمثقفين.

المؤرخ الفلسطيني في الخارج د. سلمان أبو ستة، ندد بإصدار قرار بلفور "المشؤوم" الذي مهّد الطريق لليهود بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين، مشيراً إلى أن نتائجه لا تزال حاضرة بين الفلسطينيين حتى يومنا هذا.

وأوضح أبو ستة في كلمة له خلال الندوة عبر "سكايب" أن هناك حملات شعبية كبيرة في دول أوروبا ومختلف بلدان العالم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تندد بتصريح "بلفور"، وتطالب بريطانيا بالاعتذار عنه.

وقال "إن كان بلفور قد مات، فإن صنيعته اسرائيل لا تزال حية، وهي العدو الأول وعدو الأمتين العربية والإسلامية وعدو كل انسان شريف في العام"، مشددا على ضرورة أن يستمر الشعب الفلسطيني بكافحه ضده.

وأضاف أن "مقاومة الشعب الفلسطيني هي المحفز الأول للعالم كله، للوقوف وراء الحق والعدل في فلسطين، وما ضاع حق وراءه مُطالب"، داعياً الأمتين العربية والاسلامية للوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ومقاومة عدوه الأول.

واستهجن أبو ستة تمسك بريطانيا بـ "سجلها المُخزي" وذلك بعد إعلان رئيسة وزراءها تيريزا ماي، أنها ستحتفل بمئوية بلفور، رغم رفض قطاعات كبيرة من الشعب البريطاني لهذا التصريح.

واعتبر أن "بلفور هو أكبر مشروع استثماري في العالم وأطول عدوان صهيوني مارسته الحكومة البريطانية ضد الحجر والبشر على أرض الشعب الفلسطيني، ولا يزال مستمراً حتى يومنا هذا".

وأشار إلى أن تصريح بلفور لم يتم تجاهله كعشرات التصريحات السياسية، كونه وُضع موضع التنفيذ مباشرة على أرض الواقع، وذلك بعد تعيين هربرت صموئيل كأول مندوب سامي من الحركة الصهيونية في فلسطين.

وذكر أبو سته أنه خلال الخمس سنوات الأولى من تعيين صموئيل، فإنه أسس قواعد انشاء (اسرائيل)، وأصدر قوانين تجعل اللغة العبرية لغة رسمية، وإنشاء مجلس مستقل لليهود.

تمسك الحكومات البريطانية

وحول تمسك الحكومة البريطانية المتعاقبة بتنفيذ وعد بلفور، فأوضح المؤرخ الفلسطيني، أن بريطانيا لا تزال متمسكة بعهدها القديم وتؤيد بلفور، كونه يخدم مصلحتها الاستعمارية.

لكنه بيّن أن غالبية الشعب البريطاني غير راضيين عن سياسة حكومتهم بالمتمسكة بوعد بلفور.

وشدد على ضرورة تجييش وتعبئة كافة الفلسطينيين في الوطن والشتات تحت راية واحدة للدفاع عن حقوقهم.

بدوره، أكد استاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية بغزة د. نهاد الشيخ خليل، على ضرورة تحرك كافة المؤسسات المحلية والدولية، للمطالبة باعتذار بريطانيا عن "بلفور" وما أفرزه من نكبات للشعب الفلسطيني.

وأوضح الشيخ خليل في كلمة له خلال الندوة، أن مئوية بلفور جاءت في ظل الجهود والحملات المبذولة في فلسطين ودول العالم اجمع، لتُعيد في الذاكرة الألم والوجع.

ووصف الشيخ خليل الوعد بأنه "جريمة مكتملة الأركان"، اتخذتها نخبة من الطبقة العليا صاحبة المال والاقتصاد في بريطانيا آنذاك.

ثلاث ركائز

وبحسب ما ذكر استاذ التاريخ، فإن الوعد جاء معتمداً على ثلاث ركائز في تلك المرحلة، أولها الناحية الدينية المتمثلة في إرسال اليهود لفلسطين لانتظار المهدي المنتظر، وفق عقيدتهم اليهودية.

الركيزة الثانية تتمثل بالعنصرية، وتعني أن يقوم الغربيون بتوظيف اليهود لخدمة المجتمع الأوروبي وخاصة بريطانيا.

أما الركيزة الثالثة والتي ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر، وهي حاجة بريطانيا لكادر بشري وشريحة اجتماعية منبوذة تخدمها في فلسطين من خلال استخدامها في الاستعمار الاستيطاني في بناء المستوطنات.

وأوضح أن هذه الركائز نتج عنها "جريمة وعد بلفور"، مشيراً إلى أن الحركة الصهيونية كانت في أضعف حالاتها في ذلك الوقت.

ونوّه الشيخ خليل، أن بعض اليهود في بريطانيا عارضوا القرار في وقتها، لأنهم كانوا يعتقدون أن إقامة دولة لليهود، ستؤدي إلى طردهم وإحلالهم في فلسطين.

وبيّن أن بريطانيا طمأنت اليهود المُعارضين بأن ما سيجري هو إقامة وطن قومي وليس دولة، لافتاً إلى أنها اتخذت الوعد بوعي تام ومع سبق إصرار وترصد.

ويصادف 2 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، الذكرى السنوية لصدور وعد بلفور المشئوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.