فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

نقص الأخشاب يُعقِّد مهمَّة طهي الطَّعام في غزَّة

...
نقص الأخشاب يُعقِّد مهمَّة طهي الطَّعام في غزَّة
غزة/ محمد القوقا

عندما احتسى حسني الدنف كوب شاي بعد تناول وجبة إفطار بسيطة من أرز جاف حصل عليه من جمعية خيرية في مدرسة تستضيف نازحين، لاحظ مذاقًا غريبًا في مشروبه. لم يكن يعلم أن زوجته، في محاولة يائسة لإعداد الشاي، استخدمت أكياس النايلون وموادًا بلاستيكية لإشعال النار في "غلاية" الألمنيوم. فمع نقص الحطب وارتفاع أسعاره، لم تجد خيارًا سوى اللجوء إلى هذه المواد رغم مخاطرها على الصحة. 

هذه المعاناة ليست استثنائية، بل تعكس واقعًا يوميًا يعيشه سكان قطاع غزة، الذين يعتمدون على الأخشاب لطهي الطعام بعد انقطاع غاز الطهي بسبب الحصار الإسرائيلي.

أزمة متعددة الأوجه

مع استمرار انقطاع غاز الطهي، أصبح الاعتماد على الأخشاب الحل الوحيد لمعظم العائلات. لكن ندرتها وارتفاع أسعارها حوّلا هذه الأزمة إلى كابوس يومي، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الخشب إلى 4 شواقل، وهو مبلغ يفوق قدرة الكثير من الأسر الفقيرة.

تقول أم أحمد الشنطي، وهي والدة لثمانية أبناء: "نعيش مع عائلة زوج ابنتي في منزل واحد، ونحتاج يوميًا إلى أكثر من 12 شيكلًا لطهي وجبتي الإفطار والسحور". وتضيف بمرارة: "توفير الخشب بات عبئًا يفوق طاقتنا المالية". 

وتوضح، بينما تغسل وعاءً مغطى بالسخام الأسود من كثرة الاستخدام، أن الأسرة تحتاج إلى 3 كيلوغرامات من الخشب يوميًا، وهو ما يستحيل تأمينه باستمرار. وتأمل أن يضغط المجتمع الدولي على سلطات الاحتلال لإدخال غاز الطهي إلى غزة، لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية. 

منذ الثاني من مارس/آذار، توقفت سلطات الاحتلال عن تزويد غزة بالوقود والمواد الأساسية، بعد إغلاق المعابر ورفض تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، كان من المقرر دخول 50 شاحنة وقود يوميًا بموجب البروتوكول الإنساني الموقع، إلا أن الاحتلال نقض الاتفاق، ما فاقم الأوضاع. فمنذ بداية مارس، كان من المخطط دخول 1,250 شاحنة وقود، لكن لم تصل أي منها إلى القطاع، مما ينذر بكارثة إنسانية. 

اللجوء إلى بدائل مضرَّة

تقول أم إسماعيل حمودة: "كنت أطلب من أبنائي جمع الأخشاب من الشوارع والمباني المهدمة، لكن مع نفادها السريع، لم يعد ذلك ممكنًا". وتضيف: "باتت عائلتنا تشتري كميات صغيرة من الخشب، وتستخدم معها موادًا بلاستيكية بسبب ضيق الحال". 

أما أم حسن المسارعي، التي تعيش في خيمة بجوار جدار خرساني في مخيم بشمال مدينة غزة، فتشير إلى آثار السخام الأسود على الجدار جراء إشعال النار بجواره، في مشهد يعكس معاناة النازحين مع انعدام غاز الطهي. 

في ظل ندرة الأخشاب، يلجأ بعض السكان إلى حرق البلاستيك، ما يُطلق أبخرة سامة تهدد الصحة العامة. كما أن البحث عن الحطب بات محفوفًا بالمخاطر، حيث يتوجه بعض الأهالي إلى مناطق قد تعرّضهم لإطلاق نيران جيش الاحتلال، وسقط ضحايا خلال محاولات تأمين الأخشاب. 

من جانبه، يوضح بائع الأخشاب حسن الكحلوت أن النقص الحاد مرتبط بتوقف وصول شاحنات المساعدات. ويشير، بينما ينهمك في تقطيع خشبة كبيرة بفأس حديدية، إلى أن "المشاطيح" (ألواح التحميل الخشبية) كانت مصدرًا رئيسيًا للأخشاب. ويؤكد أن الكثيرين يكتفون بشراء كيلوغرام واحد لتسيير شؤون طعامهم.

المصدر / فلسطين أون لاين