يشكل التصعيد الإسرائيلي الأخير والمتمثل بتفجير نفق خان يونس، اليوم الاثنين، الموافق 30 أكتوبر 2017، وذلك بعد نشر بطاريات القبة الحديدية في المنطقة، ومحاولة الاغتيال الفاشلة للواء توفيق أبو نعيم، التي نفذت وفق تصريحات قادة حماس من الاحتلال الصهيوني تشكل تحديا جديدا للمقاومة بشكل خاص وللحكومة الفلسطينية وقوى المصالحة بشكل عام.
وتطرح هذه التطورات تساؤلات عدة: هل ستعدّ المقاومة ما جرى انتهاكا لقواعد اللعبة القائمة منذ 2014 ؟ هل ستنظر الى محاولة الاغتيال بنفس الطريقة التي ستنظر بها إلى تفجير نفق خان يونس ؟ أم أن لكل حادث حديثًا؟
كيف سترد المقاومة في مرحلة ما بعد المصالحة؟ وهل ستنسق ردها مع الحكومة الفلسطينية؟ وعلى ماذا اعتمد الاحتلال في تصعيده؟ وهل قدر أن المقاومة لن ترد أم أنه يلعب بالنار ؟ إنها الأسئلة الصعبة أمام المقاومة ومما لا شك فيه بأن رد المقاومة أصبح أكثر تعقيدا بعد المصالحة لكنه ليس مستحيلا، وإسرائيل تعلم ذلك وهي تأخذ بتصعيدها مخاطرة تعتقد أنها حسبتها جيدًا.
وهي بهذا تستغل مرحلة التحول الحساسة نحو المصالحة والوحدة الوطنية، ومن المتوقع أن تشهد غزة وغيرها تصعيدا إسرائيليا آخر وبأشكال مختلفة، ومن المتوقع أيضا بأن المقاومة وقوى المصالحة الوطنية قد حسبت حساباتها جيدا.
لا بد من الإشارة إلى الفرق بين حالتي التصعيد ففي حالة تفجير النفق تستطيع إسرائيل الادعاء أنها دمرت نفقا في أرضها، وأنها "تدافع عن نفسها" مما تسميه "الاعتداء" على "سيادتها"، وهو ادعاء مفهوم إلى درجة كبيرة في الإقليم وفي السلطة الفلسطينية.
إسرائيل تفهم ذلك، لذا فهي تستنكر وتصعد وتنشر بطاريات القبة الحديدية، وقد تفعل المزيد في الساعات القادمة عادّة بأن حماس هي الطرف المعتدي، وبأن غزة ما زالت "مملكة الإرهاب" رغم المصالحة، على حد تعبير ليبرمان.
كما أنها قد تحاول فرض قواعد لعبة جديدة مستغلة الحدث والمرحلة، وقد تكون قد أرادت من تصعيد النفق أن تغطي على فشلها في اغتيال أحد أعمدة وأركان الأمن في قطاع غزة اللواء أبو نعيم، وذلك على الرغم من أنها قد نأت بنفسها عن حادثة محاولة الاغتيال، وذلك من خلال تقديرات الإعلام والصحافة في إسرائيل وعلى لسان كبار محلليها العسكريين.
وفي الجانب الآخر وبالنسبة لحسابات الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور الحمد الله؛ فهي أكثر بساطة ووضوحا، وتتلخص في المتابعة والمراقبة، والإعراب عن القلق ورفض أي تصعيد من أي طرف كان، وذلك على خلفية موقفها السياسي الرافض للمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة بكل أدواتها المختلفة وعلى رأسها الأنفاق، وهى تحمل لواء المفاوضات والاجتماعات المستمرة مع الإسرائيليين، والتي كان آخرها اجتماع الأحد المعلن والمبتسم بين وزير المالية "كحلون" والسيد الحمد الله وبين الجنرال بولي مردخاي منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في "المناطق المحتلة" وماجد فرج، والذي بحث تسليم معابر غزة إلى السلطة، إضافة إلى مشاريع اقتصادية.
من المأمول أن تشكل مرحلة المصالحة بداية لرد فعل فلسطيني موحد وملائم على الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة وغزة على حد سواء، وعلى كل محاولاتها استمرار الانفصال العملي بينهما من خلال تركيزها على التعاون والمشاريع الاقتصادية في الضفة، ولعبة التصعيد المدروس في غزة.