فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تقرير خبير لـ"فلسطين": تحولات جذرية تهدد النظام الاقتصادي العالمي بسبب السياسات التجارية الأمريكية

...
خبير لـ"فلسطين": تحولات جذرية تهدد النظام الاقتصادي العالمي بسبب السياسات التجارية الأمريكية
غزة/ رامي محمد:

أكد الخبير الاقتصادي د.ثابت أبو الروس أن السياسات التجارية الأخيرة التي تبنتها الإدارة الأمريكية ليست مجرد إجراءات اقتصادية تقليدية، بل هي نتاج تحولات جيوسياسية أوسع ستُعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي موضحا أن هذه السياسات، التي تشمل فرض رسوم جمركية جديدة، ستكون لها تداعيات عميقة على الاقتصاد الأمريكي والدولي، حيث سيدفع المواطن الأمريكي الثمن الأكبر.

وفي خطوة مفاجئة، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 25% على معظم السلع المستوردة من كندا والمكسيك، ضمن استراتيجية تهدف إلى الضغط على الشريكين التجاريين للولايات المتحدة للحدّ من تدفق الفنتانيل، وهي مادة أفيونية مميتة، يزعم ترامب أنها تصل إلى أميركا عبر البلدين.

وعلى الرغم من إعلانه عن الإعفاء لكندا والمكسيك في وقت لاحق، فإن التقلبات في هذه القرارات أثارت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين والشركات.

وتسبب إعلان فرض الرسوم ثم تعليقها بتذبذب الأسواق المالية، مما دفع الشركات الكبرى إلى إعادة النظر في خططها الاستثمارية، في الوقت الذي أدّى إلى تزايد المخاوف بشأن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خاصة المعادن مثل الصلب والألمنيوم، والتي تعدّ كندا من أكبر مصدّريها إلى الولايات المتحدة.

وقال أبو الروس لصحيفة "فلسطين" أمس إن أحد أبرز تداعيات هذه السياسات هو ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، مما سيؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة الدولار الأمريكي.

وتوقع أبو الروس أن تصل قيمة العملة الأمريكية إلى 130 دولارًا مقابل بعض العملات الرئيسية، وهو ما يعكس حالة من القلق الاقتصادي العميق حول مستقبل الولايات المتحدة وقدرتها على الحفاظ على استقرارها المالي.

وأضاف أن التطورات ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الأمريكي، الذي يواجه بالفعل تحديات كبيرة في ظل التقلبات العالمية.

ولم تكن هذه السياسات الأمريكية بمعزل عن ردود الفعل الدولية. فقد توقع أبو الروس أن تلجأ القوى الاقتصادية الكبرى، مثل الاتحاد الأوروبي والصين وكندا، إلى فرض رسوم جمركية انتقامية على السلع الأمريكية، بما في ذلك الأسلحة والمنتجات الصناعية.

وأكد أن التصعيد التجاري سيؤدي إلى تفاقم التوترات العالمية، مما يهدد بزعزعة الاستقرار الاقتصادي الدولي الذي تم بناؤه على مدى عقود.

وشدد أبو الروس على أن الإجراءات الأمريكية تمثل تهديدًا مباشرًا لمفهوم العولمة الاقتصادية، الذي اعتمد لسنوات على إزالة الحواجز التجارية وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول.

وأوضح أن السياسات الحمائية التي تتبناها الولايات المتحدة تنسف أحد أهم مبادئ العولمة التي كانت واشنطن نفسها من أبرز داعميها منذ نشأتها.

وأضاف أن  التحول قد يؤدي إلى انقسام الاقتصاد العالمي إلى كتل تجارية متنافسة، مما يعيق النمو الاقتصادي العالمي.

وبين أبو الروس أن القيود التي فرضها الجمهوريون في الولايات المتحدة على التجارة الدولية ستؤدي إلى تفتت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة ودول العالم الأخرى، ما يقلل من تأثير هذه القرارات على التجارة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بالقرار القضائي الأمريكي الذي رفض دعم إيلون ماسك في بعض القضايا، قال أبو الروس إن هذا القرار يعكس تدخل القضاء في تشريع القرارات الاقتصادية المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على الأسواق الأمريكية.

وأشار  إلى أن تدخل المحكمة الأمريكية في بعض القضايا الاقتصادية يعد خطوة مهمة لضمان توازن السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، ويُساهم في تقليل الهيمنة الفردية للرئيس الأمريكي على القرارات السياسية والاقتصادية، مما سيساعد على تعزيز الاستقرار داخل الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

وبيّن أن هناك الكثير من القرارات التي تتسم بالارتجالية، مثل تلك التي اتخذها الرئيس ترامب، والتي تهدف إلى التأثير على الاقتصاد الأمريكي ودفعه نحو تغييرات كبيرة في سياساته الداخلية والخارجية.

وأمر قاض فدرالي بالوقف الفوري لتنفيذ قرار هيئة الكفاءة الحكومية التي يرأسها إيلون ماسك إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وقال القاضي ثيودور تشوانغ إن تفكيك ماسك وهيئة الكفاءة الحكومية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) من المحتمل أن يكون قد انتهك دستور الولايات المتحدة بطرق متعددة.

وتابع أبو الروس: إن الاقتصاد العالمي يظل متينًا رغم هذه التحديات، موضحًا أن الولايات المتحدة قد تواجه صعوبة في بعض الأسواق لكن في الوقت نفسه سيكون لديها فرصة لفتح أسواق جديدة في مناطق مثل الشرق الأوسط، جنوب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي.

ورأى أن التوجه قد يخلق صراعات اقتصادية مع القوى الكبرى الأخرى، مما قد يؤثر سلبًا على مكانة الولايات المتحدة الاستراتيجية على الساحة الدولية.

الاستراتيجية الاقتصادية

كما أشار إلى التوترات التجارية الأخيرة بين الولايات المتحدة وكندا، قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، موضحًا أنه بدلاً من أن تظل الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيس في صياغة الاستراتيجيات التجارية العالمية، أصبحت الآن جزءًا من صراع مع دول أخرى، وهو ما قد يضر بمصالحها الاقتصادية في المستقبل.

وفيما يتعلق بالقطاعات المتأثرة بهذه التحولات، لفت أبو الروس إلى أن الشركات الأمريكية الكبرى، وخاصة في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، بدأت بالفعل بالانتقال إلى دول ذات تكاليف تصنيع أقل.

ونبه إلى أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من التنافس الاقتصادي، حيث تتصاعد التوترات التجارية وتتغير موازين القوى.

وفي ظل هذه التحولات، يتوجب على الدول، بما فيها دول الشرق الأوسط، أن تعيد صياغة استراتيجياتها الاقتصادية لمواجهة التحديات القادمة، والاستفادة من الفرص التي قد تظهر في هذا المشهد المتغير.

المصدر / فلسطين لأون لاين