فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تقرير: مدينة رفح منكوبة وبلا حياة تحت الاحتلال الإسرائيلي

...
مدينة رفح منكوبة وبلا حياة تحت الاحتلال الإسرائيلي

رصد تقرير حقوقي، معاناة مدينة رفح، الواقعة في جنوب قطاع غزة، من كارثة إنسانية متجددة، نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر، الذي حوّل معظم أحيائها إلى أكوام من الركام، في مشهد يعكس حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة وسكانها خلال حرب الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأكد التقرير الذي صدر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، أنه على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، ما تزال قوات الاحتلال تواصل هجماتها العسكرية، وتسيطر على ما يقارب 60% من مساحة المدينة، وتستهدف المدنيين العزل بالقصف وإطلاق النار، مما يسفر يوميًّا عن وقوع المزيد من القتلى والجرحى.

غير صالح للحياة

وشدد التقرير على أن الواقع اليوم في رفح يجعلها غير صالحة للحياة البشرية؛ فالبنية التحتية مدمرة بالكامل، والمرافق الأساسية منعدمة، وسط غياب شبه تام للخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية الكافية.

ويستهدف القصف وإطلاق النار الإسرائيلي العائدين لتفقد منازلهم، في حين يواجه الناجون من القصف والتشريد خطر الموت جوعًا أو مرضًا مع تشديد الحصار غير القانوني ووقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع منذ تاريخ 2 مارس الجاري.

ورصد التقرير الواقع الإنساني الكارثي في رفح جراء الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال في رفح، بعد أكثر من 10 أشهر على اجتياحها الشامل، وقرابة 17 شهرًا على بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

وتقع رفح على الحدود الفلسطينية المصرية أقصى جنوب قطاع غزة، وتبلغ مساحتها 63.1 كم2 ضمن حدود المحافظة 3 بلديات وهي بلدية مدينة رفح، وفيها مخيم رفح للاجئين بشطريه (الشابورة ويبنا)، و16 حيًّا آخر، وبلدية الشوكة شرقاً، وبلدية النصر شمالاً.

ويقدر عدد سكانها حالياً بحوالي 290 ألف نسمة،1 وأجبروا جميعهم على النزوح القسري التدريجي منذ مايو 2024، مع بداية الهجوم العسكري البري لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وبسبب التهديدات المتكررة بالإخلاء وبعد مرور 7 أشهر على حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

ملاحقة العائدين

كما نزح مع سكان محافظة رفح مئات الآلاف من سكان محافظات الشمال وغزة والوسطى وخان يونس الذين أجبرتهم قوات الاحتلال على النزوح قسرًا إلى رفح بوصفها منطقة آمنة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023.2

ووثق التقرير ملاحقة الاحتلال للعائدين للمدينة بعد إعلان عن وقف إطلاق النار بين سلطات الاحتلال وحركة حماس في 19 يناير 2025، حيث استمرت في التمركز على الشريط الحدودي مع مصر وخارجه، ومنعت المواطنين من الوصول إلى منازلهم وأطلقت تجاههم نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها ما أدى إلى استشهاد 10 من السكان أحدهم طفل وإصابة آخرين بجراح متفاوتة، في اليوم الأول للعودة.

وأعلن جهاز الدفاع المدني عن انتشال رفات 79 شهيداً من مختلف مناطق محافظة رفح في اليوم الأول فقط.

وخلال الأيام التالية، استمرت قوات الاحتلال في التمركز على الشريط الحدودي مع مصر وخارجه، وأطلقت نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها، والصواريخ من الطائرات المسيرة تجاه السكان الذين عادوا إلى منازلهم واستقروا فيها ضمن الأحياء التي تبعد في بعض الحالات أكثر من 1000 متر عن الشريط الحدودي مع مصر.

شهداء وجرحى

ووثق تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أسماء عدة حالات وقعوا ما بين شهيد وجريح جراء استهداف الاحتلال لهم في بيوتهم.

من جهة أخرى كشف التقرير عن حجم الدمار الهائل والصادم الذي لحق بمحافظة رفح حيث لم يتمكن السكان من التعرف على أماكن منازلهم أو الوصول إليها أو معرفة الشوارع والمرافق العامة. حيث طال التدمير وفق التقديرات الأولية لبلدية رفح 52 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وجزئي. علمًا أنه لا يزال من المتعذر حصر الأضرار بشكل نهائي ودقيق، لأن قوات الاحتلال لا تزال تتمركز في مساحات واسعة من رفح، إضافة لاستمرار عمليات التدمير والقصف.

كما واصلت قوات الاحتلال عمليات التدمير بالرغم من وقف إطلاق النار، حيث دمرت 5 منازل ومبنى مديرية التنمية الاجتماعية في حي تل السلطان، وفي الحي السعودي غرب مدينة رفح، بعد 4 أيام من وقف إطلاق النار.

واضطرت العديد من العائلات إلى السكن في منازلها المحترقة أو المدمرة بشكل جزئي والمصنفة بأنها غير صالحة للسكن.  ومع ذلك، ذكرت بعض العائلات أن العيش فيها أفضل من معاناة الإقامة في الخيام.

إطلاق نار وغارات

ومع خطورة الأوضاع في رفح، مع استمرار إطلاق النار والغارات من قوات الاحتلال، أحجمت غالبية المؤسسات الدولية والإغاثية عن العمل فيها وفق ما يؤكده د. أحمد الصوفي، رئيس بلدية رفح.

وذكر المركز أن الاحتلال دمر 15 مخبزًا رئيسيًّا كانت تعمل قبل النزوح القسري من رفح في مايو 2024، في حين أعيد افتتاح 3 مخابز فرعية بعد وقف إطلاق النار، وبدأت تعمل بطاقة محدودة، وأغلق اثنان منها قبل أيام قليلة مع نفاد الوقود، إثر قرار منع إدخال الوقود والمساعدات مطلع شهر مارس الجاري، والثالث مرشح للإغلاق أيضًا.

وفيما يخص إيواء السكان الذين دمرت منازلهم أو الذين لا يستطيعون الوصول إليها، خصصت بلدية رفح حوالي 600 دونماً غالبيتها من الأراضي الحكومية، شمال مدينة رفح، من أجل إقامة 47 مخيماً من الجمعيات الخيرية والمتبرعين لإيواء السكان، من المقرر أن تأوي 5940 عائلة، وتم تجهيز 15 مخيماً منها فقط تأوي حالياً 720 عائلة فقط، في حين

وقدر التقرير أن عدد السكان الذين دمرت منازلهم بحوالي 180 ألفاً، أي ما يقرب من حوالي 36 ألف عائلة، ولا يزالون يقيمون في مواصي رفح وخان يونس.

جريمة إبادة 

وشدد البيان على أن ما تتعرض له مدينة رفح من دمار شامل، وتهجير قسري، واستهداف ممنهج للمدنيين، رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار، يشكّل دليلًا إضافيًا على أن ما يجري في قطاع غزة هو جريمة إبادة جماعية متكاملة الأركان.

وطالب المركز المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والضغط الفوري لوقف جميع الهجمات العسكرية في رفح وجميع أنحاء قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة، وتوفير الحماية للمدنيين، وتأمين مخيمات إيواء مؤقتة ولائقة لحين إعادة الإعمار.

وأكد مجددًا ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، باعتباره الجذر الأساسي للنكبات المتكررة التي يعيشها الفلسطينيون.

المصدر / فلسطين أون لاين