فلسطين أون لاين

تقرير بعد توقف العدوان... غياب فرص التَّعليم في تلِّ الهوا يقلق الأهالي والطَّلبة على مستقبلهم

...
بعد توقف العدوان... غياب فرص التَّعليم في تلِّ الهوا يقلق الأهالي والطَّلبة على مستقبلهم
غزة/ صفاء عاشور:

بعد أكثر من عام ونصف على توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يزال حي تل الهوا في جنوب غرب مدينة غزة يعيش تداعيات الدمار. ومن أكثر جوانب الأزمة إيلامًا لسكان الحي العائدين غياب فرص التعليم لأطفالهم.

أكثر من خمسين يومًا مرت، ولم يتم افتتاح أي مدرسة حكومية أو تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، إما لأنها مدمرة، أو لأنها تحولت إلى مراكز إيواء بعد لجوء المواطنين إليها إثر تدمير منازلهم، مما حال دون استئناف التعليم الرسمي فيها.

حالة من القلق الشديد تسود بين الأهالي وأطفالهم، في ظل غياب أي فرصة للتعليم بعد توقف العدوان، ليجد الأطفال أنفسهم في واقع جديد لم يختاروه، حيث تحولت مدارسهم إلى أنقاض أو ملاجئ للنازحين، دون أي إعادة تأهيل حتى الآن، بسبب تعنت الاحتلال في إدخال مواد إعادة الإعمار.

طلبة محرومون من التعليم

يقول مجد عليان (14 عامًا)، وهو طالب في الصف الثامن: "كنت أحلم بأن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد توقف العدوان، لكنني حتى الآن غير قادر على الذهاب إلى أي مدرسة أو مبادرة تعليمية. وإن وجدت مبادرات، فهي تقتصر على المرحلة الأساسية فقط".

ويتساءل مستغربًا: "لماذا هذا التجاهل للمرحلة الإعدادية، وكأننا لا نحتاج إلى الدراسة والالتزام كغيرنا؟" مشيرًا إلى أنه تم ترفيعه تلقائيًا من الصف السابع إلى الثامن بعد انضمامه إلى برنامج التميّز، حيث حضر بعض الدروس دون متابعة مستمرة، بسبب مشاكل الإنترنت.

وأضاف: "بعد ترفيعي إلى الصف الثامن، عدت إلى منطقة سكني في حي تل الهوا، وهناك واجهت مشكلة عدم توفر مبادرات تعليمية معترف بها من وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى انقطاع الإنترنت في معظم المناطق".

أما ياسمين أبو زاهر (10 سنوات)، التي كان من المفترض أن تلتحق بالصف الخامس، فقد انقطعت عن الدراسة تمامًا بعد عودتها من حي الثلاثيني إلى حي تل الهوا، بسبب انقطاع الإنترنت.

تقول ياسمين لصحيفة "فلسطين": "لم أحب يومًا التعلم الإلكتروني، وأتمنى العودة إلى المدرسة بين زميلاتي ومعلماتي".

وتضيف: "أكره الحرب، لأنها حرمتني من الدراسة وحقّي في التعلم. لقد مرت سنتان دون أن أذهب إلى أي مدرسة". وتأمل أن يتم إعادة بناء مدرستها لتتمكن من العودة إليها من جديد.

وتعيش الأمهات حالة من القلق المستمر بسبب انقطاع أبنائهن عن التعليم للعام الثاني على التوالي. تقول ماجدة الدحدوح، وهي أم لثلاثة أطفال: "أخشى أن يضيع مستقبلهم إن استمر الوضع على ما هو عليه. فمنذ توقف العدوان، لم يتغير شيء سوى أننا عدنا إلى بيوتنا المدمرة".

وتضيف الدحدوح "فلسطين": "في حي تل الهوا، المدارس المتبقية غير المدمرة تحولت إلى مراكز إيواء لآلاف النازحين، كما أن وزارة التربية والتعليم لم تفتتح أي مدرسة في الحي لاستقبال آلاف الطلبة، على غرار المناطق الأخرى في مدينة غزة".

وتوضح أنها تدرك مدى المأساوية التي تعيشها المنطقة، لكن تعليم الأطفال يجب أن يكون أولوية لدى المؤسسات الحكومية والدولية، وأن يتم دعمه على كافة المستويات، سواء من خلال إعادة الإعمار، أو تأهيل الأطفال، وضمان تلقيهم تعليمًا يناسب أوضاعهم.

من جهتها، أم محمد الوحيدي، ما إن سمعت بوجود مبادرة تعليمية في غزة، حتى سارعت للاستفسار عنها في مجمع المدارس بحي تل الهوا. لكنها تفاجأت بلافتة كتب عليها: "التسجيل مغلق".

تقول مستغربة: "متى بدأ التسجيل حتى يتم إغلاقه؟"

وتضيف لـ"فلسطين": "عندما سألت القائمين على المبادرة، قالوا إنها مبادرة صغيرة، مخصصة فقط لطلبة المرحلة الابتدائية، ورفضوا تسجيل أبنائي الاثنين فيها بحجة اكتمال العدد".

وتشير إلى أنها بحثت عن مبادرات أخرى، لكنها وجدت أن بعضها لا يزال مفتوحًا للتسجيل، لكن موعد البدء فيها مؤجل إلى أجل غير معلوم.

من جانبه، يوضح مدير وزارة التربية والتعليم في غرب غزة، د. جواد الشيخ خليل، أن الوزارة تعمل منذ بدء الهدنة على إعادة الطلبة إلى مدارسهم، حيث تم افتتاح عدد من المدارس في غرب غزة، واستقبلت آلاف الطلبة.

ويشير الشيخ خليل لـ"فلسطين" إلى أن العمل مستمر على فتح المزيد من الصفوف في المدارس التي تؤوي نازحين، مع التركيز على جميع المراحل، خاصة المرحلة الابتدائية، لضمان عدم ضياع مزيد من الوقت على الطلبة الصغار.

أما فيما يتعلق بالمرحلة الإعدادية، فقد نصح الشيخ خليل طلبة حي تل الهوا بالتوجه إلى أقرب مدرسة اعتادوا الدراسة فيها قبل الحرب، حيث ستكون جاهزة لاستقبالهم، إلى حين توفير مدارس خاصة للمرحلة الإعدادية.

وفقًا لتقديرات محلية، فإن أكثر من 600 ألف طفل في غزة محرومون من التعليم للعام الثاني على التوالي، بسبب تدمير الاحتلال الإسرائيلي للمدارس وانعدام البدائل الفعالة.

ويعد حي تل الهوا أحد الأمثلة الصارخة لهذه المأساة، حيث لا تزال مئات العائلات تنتظر حلًا يعيد لأطفالها حقهم في التعلم.

المصدر / فلسطين أون لاين