فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

الشهيد "كباجة".. ثلاثة أيام من "الأبوة" وجرح لا يندمل برمضان

...
الشهيد "كباجة".. ثلاثة أيام من "الأبوة" وجرح لا يندمل برمضان
غزة/ جمال محمد

اجتمعت العائلة حول مائدة الإفطار، لكن مقعدًا ظل فارغًا، يذكرهم جميعًا بـ"أحمد" الغائب الذي لن يعود أبدًا، كانت عيناه تملأ المكان يومًا، أما الآن فقد صار ذكرى تُروى في كل ويوم، وكل ساعة. 

جلست أرملة الشهيد أحمد كباجة، وقلبها يمتلأ أسى وهي تحتضن طفلتها الصغيرة "أريج" بقوة وكأنها تحاول تعويضها عن دفء والدها الذي فقدته فلم تعرفه إلا لثلاثة أيام فقط. 

وقبل دخول موعد الإفطار رفعت الزوجة المكلومة يديها إلى السماء، داعية بالرحمة لزوجها الذي غادر هذه الدنيا تاركًا إياها تكابد الحياة وحدها مع صغيرتهما. 

ثلاثة أيام فقط 

لم يحظَ "أحمد" سوى بثلاثة أيام مع طفلته الوليدة قبل أن يذهب في رحلة لم يكن يدري أنها الأخيرة، كان يعلم أن الحرب قاسية، لكن الأبوة كانت أقوى من أي خوف، فخرج في محاولة لجلب ملابس لطفلته من منزله المدمر في الحي الإماراتي بمدينة خانيونس جنوبي القطاع، ليكون مصيره الشهادة بصاروخ غادر أطلقته مقاتلة إسرائيلية، وفق ما قاله ابن خالته محمود أبو حمام. 

ويتذكر أبو حمام، وهو الصديق الأقرب للشهيد "أحمد" في حديث لـ "فلسطين أون لاين" اللحظات العصيبة التي مرت عليهم منذ اختفاء "أحمد" في 2 فبراير 2024م، ويقول بحزن: "بحثنا عنه لأيام وأسابيع، لكننا لم نجد له أثرًا، ولم نكن نعلم إن كان جريحًا، مختبئًا، أم شهيدًا. 

ويضيف أبو حمام بعد أن توقف عن الكلام للحظات قبل أن يستجمع قواه: "حتى جاء يوم 10 مارس 2024م، حين عثرنا على جثمانه أخيرًا، كان مدفونًا في مدرسة تابعة للأونروا بعد أن قام الأهالي بدفنه هناك لحماية جثمانه من نهش الكلاب الضالة، حتى يتمكنوا من نقله إلى مقبرة دير البلح بعد انسحاب الاحتلال. 

رحلة نزوح ومأساة 

"أحمد" كان قد أجبر على النزوح مع عائلته من مدينة غزة إلى خانيونس، في بداية الحرب، بحثًا عن الأمان، لكن حينما امتد الاجتياح الإسرائيلي إلى خانيونس، اضطروا مجددًا للهرب إلى منطقة المواصي، ومنها إلى دير البلح، بحسب أبو حمام. 

وأردف أبو حمام: "في ظل هذا النزوح المتكرر، جاءت لحظة الولادة، وأنجبت زوجته طفلتهم "أريج" وسط ظروف قاسية من المعاناة والنقص الحاد في المستلزمات والملابس والتي لا تكفي للمولودة الجديدة. 

حينها، قرر "أحمد" العودة إلى مكان نزوحه السابق في الحي الاماراتي، برفقة ابن خاله زياد أبو غليون، لجلب حقيبة صغيرة تحتوي على ملابس لطفلة، ولم يكن يدري أنه لن يعود أبدًا، والقول لأحد أقاربه، الذي قال: عند وصولهما استهدفتهما طائرات الاحتلال بصاروخ مباشر، ليرتقيا شهيدين على الفور. 

رمضان فقد وذكريات 

وتجلس اليوم الطفلة "أريج" بجوار والدتها على مائدة الإفطار، لا تدرك بعد معنى الفقد، لكنها عندما تكبر ستعرف أن والدها غامر بحياته لأجلها، وستسمع قصته مرارًا، وستظل تحكيها لكل من يسأل عن صورتها التي تحملها والدتها بحرص، صورة الرجل الذي كان أبًا لها لثلاثة أيام فقط، لكنه ضحى بكل شيء من أجلها. 

أما زوجته، فلم تعد ترى في رمضان سوى ذكرى الفقد، وجرحًا يتجدد مع كل آذان مغرب، حين كانت تنتظر "أحمد" ليجلس معهم، لكنه اليوم غائب، ولن يعود. 

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب وبدعم من أمريكا بين 7 أكتوبر 2023م و19 يناير 2025م، إبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط تدمير كبير في البنية التحتية والمباني السكنية.

المصدر / فلسطين أون لاين