ثارت حفيظة كثير من المواطنين والمهتمين بعد أعمال الهدم المتكررة للعديد من البنايات القديمة في مدينة نابلس تماماً كما حدث مؤخرًا مع قصر لواحظ عبد الهادي ومن قبله "سينما العاصي" بالإضافة إلى مبانٍ أخرى في أرجاء المحافظة؛ فقد انبرت كثيرٌ من الأصوات في انتقاد الجهات المسئولة في وزارة الآثار وكذلك البلدية لموافقتها على طمس تلك المعالم.
ووجه العديد من المختصين في مجال الأبنية والمهتمين انتقاداتٍ لاذعة لكافة الجهات المسئولة عن تلك الأماكن الأثرية القديمة؛ ومن بينهم المهندس أحمد اشتيه العامل في أحد المكاتب الهندسية والمهتم بالمواقع الأثرية.
وقال اشتية خلال تعقيبٍ خاص بــ"فلسطين" إن هدم تلك المواقع والبنايات هو طمسٌ لوجهٍ مشرق من وجوه مدينة نابلس؛ مضيفاً: "نابلس جميلة بأماكنها وبناياتها الأثرية التي تنم عن عمقها التاريخي الحضاري؛ ومن الجريمة أن نطلق العنان لجرافات المقاولين أن تهدم ما تقع عليه أيديهم طمعاً في إقامة مشاريع استثمارية على حساب العمق التاريخي لتلك المواقع التي لطالما كانت سبباً جاذباً للسياحة في المدينة".
وقال اشتية: "كان بالإمكان تحويل تلك الأماكن الأثرية إلى مشاريع سياحية دون المساس بمعالمها؛ كأن تشتري السلطة الفلسطينية أو البلدية تلك المعالم وجعلها نقطة ارتكاز للسياحة ولا مشكلة أن يتم تحويلها إلى مطاعم أو فنادق مع المحافظة على صورتها التاريخية التي عرفت بها".
وطالب بإيقاف سلسلة الاستهداف لتلك المواقع؛ معتبراً أن ما جرى في مدينة نابلس في الأشهر الأخيرة من هدمٍ لسينما العاصي أولاً ثم قصر لواحظ عبد الهادي وبنايات في شارع عصيره عمرها عشرات السنين هو جريمة بحق التاريخ والحضارة.
واستغرب من سر الإصرار على إقامة مشاريع استثمارية مكان تلك المواقع في الوقت الذي يبذل الاحتلال كل قوته لسرقة التراث الفلسطيني وأماكنه التاريخية وحتى الحجارة القديمة على حد قوله.
وفي السياق نفسه، أعرب المواطن الخمسيني محمد أبو شوشة والذي يسكن في البلدة القديمة بنابلس عن حزنه لهدم الأماكن والبنايات الأثرية؛ التي لم تكن تلقى الرعاية اللازمة مع أنها كانت سبباً رئيساً في بهاء ومكانة مدينة نابلس؛ وفق رأيه.
وتابع أبو شوشة: "أغلب الوفود السياحية تأتي إلى مدينة نابلس لتزور بلدتها القديمة مثلاً أو أي بنايات أثرية أخرى كما هو الحال مع السينما التي هدمت قبل شهور أو قصر عبد الهادي الذي يعتبر معلما نابلسياً في غاية الجمال".
ويرى أنه بدلاً من التباكي على ما تم طمسه؛ الأصل أن يولى الاهتمام لما تبقى خشية أن يصيبه ما أصاب كثير من البنايات والمواقع، مطالباً بتجريم التعرض لمثل تلك المواقع عبر التصرف بها والتغيير في معالمها".
ويميل سعيد الدردوك والذي يعمل في مجال المقاولات إلى الاستفادة من تلك المباني والمواقع بدلاً من تركها مغلقة بلا أي فائدة؛ موضحاً وجهة نظره: "أنا ضد هدم تلك المباني تحت أي ذريعة ولكن في نفس الوقت مع استثمارها؛ فعلى سبيل المثال بالإمكان تحويلها إلى مطاعم تراثية أو مراكز ثقافية أو حتى محالٍ تجارية دون التغيير في جوهر وشكل البنايات؛ وفي هذه الحالة تزدهر تلك المواقع وتساير التطور ليتم الاستفادة منها بأقل الخسائر".