تؤكد نتائج الفحص المخبري أن الجثة التي تسلمها الجيش الإسرائيلي يوم الخيس من رجال المقاومة في غزة لا تعود للمجندة الإسرائيلية شيري بيباس، وأن الفحص المخبري لجثة الطفلين يؤكد أنها قتلا على يد الفلسطينيين في غزة بدم بارد.
هذه الدعاية الإسرائيلية تناقض بعضها بعضاً، فاعتراف الفحص المخبري الإسرائيلي أن الجثة لا تعود للمجندة شيري، فيه براءة للفلسطينيين من دم طفليها، بدليل أن المجندة الإسرائيلية كانت تعيش وسط عائلة عربية، وبين مجموعة من النساء العربيات، وكان أطفالها اليهود يلعبون مع أطفال العائلة العربية، حتى جاءت الغارة الإسرائيلية التي نجم عنها مقتل أطفال المجندة الإسرائيلية، ونجم عنها تمزق جثة المجندة الإسرائيلية، واختلاطها مع عشرات جثث نساء وأطفال عرب، احترقوا في الغارة نفسها، وهنا غمَّ على رجال المقاومة، وعجزوا عن التمييز بين جثة المجندة الإسرائيلية، وجثة النساء العربيات اللائي كن يحتضن المجندة بينهن.
وفي عملية تبادل الأسرى، اجتهد رجال المقاومة، وقدروا أن هذه الجثة تعود للمجندة الإسرائيلية شيري بيباس، وسلموها بشكل لائق إلى منظمة الصليب الأحمر يوم الخميس، فجاء التشخيص المخبري الإسرائيلي لينفي العلاقة بين الجثة التي تسليمها، وجثة المجندة الإسرائيلية، وفي هذا النفي تأكيد على مصداقية الرواية الفلسطينية، بأن الإرهاب الإسرائيلي هو السبب في مقتل المجندة الإسرائيلية، ومقتل طفليها، واختلاط دمهما بالدم العربي، وفي هذا تكذيب للرواية الإسرائيلية التي تتهم الفلسطينيين بمقتل الطفلين اليهوديين.
تسلسل الأحداث يشير إلى أن رجال المقاومة الفلسطينية لا يأسروا النساء إلا إذا كن مقاتلات، يمارسن إطلاق النار على الفلسطينيين، وهم لم يأسروا المجندة الإسرائيلية إلا بعد أن تأكد لهم بأنها تعمل ضابط في مكتب قائد المنطقة الجنوبية، ورأفة بالمجندة، ورحمة بأطفالها، أصطحب رجال المقاومة الطفلين مع أمهم، ولم يهن عليهم تفريق الأطفال عن أمهم المجندة المقاتلة، وانتقل الطفلين مع أمهم إلى غزة، وعاشوا هناك وسط العائلات الفلسطينيات، ينزحون معهم هرباً من الغارات الإسرائيلية أينما نزحوا، ويبيتون معهم في الخيام، ويأكلون من طعامهم، حتى جاءتهم الغارة الإسرائيلية، وأحرقت العائلات العربية بما فيهم الأسيرة الإسرائيلية وأطفالها، وقد يكون هذا هو السبب في جهل رجال المقاومة في التفريق بين جثث العربيات وجثة اليهودية.
ويبقى السؤال: أين اختفت جثة المجندة الإسرائيلية؟ وهل يتحمل مسؤولية اختفاء الجثة رجال المقاومة الذين سلموا جثث طفليها؟ أم هي المحرقة التي نفذتها إسرائيل بحق أهالي قطاع غزة؟
لقد اتخذت إسرائيل من الفحص المخبري حجة وذريعة لعدم الالتزام بتنفيذ البند الإنساني من اتفاقية وقف إطلاق النار، وهذا يعيد قضية تبادل الأسرى إلى مربعها الأول، ومسألة البحث عن جثة المجندة الإسرائيلية، ولكن قبل البحث عن جثة المجندة، على إسرائيل أن تعيد جثة المرأة العربية التي وصلت إلى المشرحة الإسرائيلية بالخطأ، وعلى إسرائيل إطلاق سراح الأسيرات الفلسطينيات وفق الاتفاقية، ليبدأ أهل غزة في النبش بأظافرهم ومعاولهم البدائية عن الجثث التي قتلت في تلك الغارة الإسرائيلية، حتى يتم العثور على جثة المجندة الإسرائيلية شيري بيباس، وتسليمها للإسرائيليين.
الرواية الإسرائيلية عن مقتل الأطفال الإسرائيليين في قطاع غزة يجب تفنيدها برواية فلسطينية تؤكد على مقتل 17 ألف طفل فلسطيني، كان يعيش بينهم الأطفال اليهود.
والرواية الإسرائيلية عن أسر أطفال يهود في قطاع غزة، يجب تفنيدها من خلال التأـكيد على وجود عشرات الأطفال الفلسطينيين الذين ولدت أمهاتهم داخل السجون الإسرائيلية، وبعضهم تربى داخل السحن، ولم ير النور حتى يومنا هذا.
تفنيد الرواية الإسرائيلية مهمة أكثر من مئة سفير فلسطيني، يبدو أنهم غائبون عن المشهد السياسي، ويغرق معظمهم في مصالحة الخاصة، وحياة البذخ والدلال التي يعيش فيها سفراء فلسطين، بعيداً عن المحرقة في قطاع غزة.
ملاحظة: أقترح على رجال المقاومة الفلسطينية أن يقدموا لإسرائيل جثث كل النساء العربيات اللائي كانت برفقتهن المجندة الإسرائيلية، وأن يطالبوا بإجراء الفحص المخبري على كل الجثث، والتعرف من خلالهن على جثة المجندة الإسرائيلية.
وفي هذه المناورة فضح للرواية الإسرائيلية، وإحراج للعدو الذي يقتل المدنيين من العرب واليهود.