يعاني سكان قطاع غزة من أزمة حادة في الكهرباء والإنترنت، مما يشلّ الحياة اليومية ويؤثر سلبًا على كافة مناحيها، خاصة بعد عودة النازحين إلى منازلهم المدمرة.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، تجدد الأمل لدى السكان بالسماح بإدخال ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والمعدات اللازمة لمدّ خطوط شبكات الإنترنت في جميع أحياء القطاع.
لكي تتمكن سماهر البيطار من إتمام عملها، تسير يوميًا نحو ساعة ونصف سيرًا على الأقدام ذهابًا وإيابًا للوصول إلى أقرب مقهى، حيث تتمكن من الاتصال بشبكة الإنترنت وشحن هاتفها المحمول، مما يساعدها على إنجاز عملها اليومي الذي يتطلب توفر إنترنت على مدار الساعة، نظرًا لعملها في مجال التصميم الهندسي عن بُعد.
تقول البيطار (26 عامًا) لـ "فلسطين أون لاين": "الأمر مرهق للغاية، وبيئة المقهى غير ملائمة إطلاقًا لعملي كمهندسة، حيث أحتاج إلى الهدوء والتركيز. منذ بداية الحرب، فقدت الكثير من الفرص بسبب انعدام الإنترنت ووسائل الطاقة البديلة".
تأجيل الدراسة
أما فرح بارود، طالبة الوسائط المتعددة في سنتها الثانية، فقد اضطرت إلى تأجيل سنتها الدراسية الأولى بسبب ظروف الحرب وانقطاع الإنترنت.
هذا العام، تحدّت بارود (20 عامًا) الظروف والتحقت بالجامعة لبدء سنتها الدراسية، ولكن رداءة جودة الإنترنت وانقطاعه أثّرا على متابعتها للدروس والمحاضرات اليومية، كما اضطرت إلى تأجيل إنجاز واجباتها أكثر من مرة، مما أدى إلى تراجع درجاتها.
تضطر بارود غالبًا إلى السهر لساعات متأخرة ليلًا لإنجاز تصميماتها المطلوبة. تقول: "في كثير من الأحيان أنتهي من عمل واجباتي، لكن انقطاع الإنترنت يحول دون إرسالها للمحاضر. وخلال تقديم الاختبارات الإلكترونية، يمكن أن ينقطع الإنترنت فجأة، مما يكلفني الكثير، فقد تنتهي المهلة المحددة لتقديم الاختبار دون أن أتمكن من إرسال جميع الإجابات".
انقطاع التعليم الإلكتروني
أما إيمان أبو حصيرة، فلديها ستة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، وقد اضطرها انقطاع الإنترنت وعدم توفر نقاط شحن لهاتفها المحمول إلى التوقف عن استكمال ما بدأته أثناء نزوحها إلى دير البلح وسط القطاع من متابعة الصفوف الافتراضية التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
كان أبناؤها الستة يذهبون يوميًا إلى خيام تعليمية في دير البلح منذ خمسة أشهر، ولكن بعد عودتهم إلى مدينة غزة، وعدم وجود خيام تعليمية، توقّف الطلبة عن متابعة الدروس وجاهيًا وإلكترونيًا بسبب عدم توفر الإنترنت، حيث تسكن العائلة في غرب مدينة غزة.
تقول أبو حصيرة (40 عامًا) لـ "فلسطين أون لاين": "للعام الثاني على التوالي، يواجه الطلبة خطر ضياع عامهم الدراسي، وقد يواجهون مستقبلًا صعبًا بلا تعليم. لذا، يجب إصلاح المدارس أو إقامة خيام تعليمية لتعويض الفاقد التعليمي، لأن التعليم الإلكتروني أثبت فشله في القطاع بسبب عدم توفر الإنترنت والكهرباء ومصادر الطاقة البديلة".
وتكمل: "بالإضافة إلى ذلك، نقضي معظم ليالي الشتاء المظلمة بلا أي مصدر للإنارة، بسبب عدم توفر نقاط شحن للبطارية، مما يضطرني إلى استخدام كشاف الهاتف للضرورة القصوى فقط.
وأصبحت أبحث عن الشمع رغم خطورته، فهو السبب الرئيسي للحرائق وحالات الوفاة، ولكنه غير متوفر في الأسواق أيضًا".
فقدان العمل بسبب الإنترنت
بينما فقدت سندس الصفدي عملها بسبب انقطاع الإنترنت، حيث لم تتمكن من مواصلة التواصل مع مؤسسة في إحدى الدول العربية كانت تعمل معها منذ خمس سنوات. فتم الاستغناء عنها بعد أشهر قليلة من بدء الحرب، نتيجة عدم قدرتها على توفير إنترنت مستقر.
تشكو الصفدي (35 عامًا) من عدم توفر الإنترنت، مما يحرمها من البحث عن عمل جديد عبر الإنترنت بعد أن فقدت مصدر رزقها. فهي تعتمد على إرسال التقارير والقصص الصحفية إلى جهات إعلامية خارجية، وهو ما اعتادت عليه منذ عشر سنوات.
ولا تنفكّ الصفدي يوميًا عن البحث عن مقاهٍ قريبة من مكان سكنها في حي الدرج شرق غزة توفر إنترنت ونقاط طاقة بديلة، حيث تضطر إلى الذهاب إليها سيرًا على الأقدام بسبب عدم توفر وسائل المواصلات أيضًا.
وتطالب بالإسراع في إدخال ألواح الطاقة الشمسية والمعدات اللازمة لإصلاح شبكة الإنترنت وتشغيل محطة الكهرباء من جديد.

