في مشهد يجسد الوحشية التي تعامل بها (إسرائيل) المعتقلين الفلسطينيين داخل سجونها، اقتادت إدارة مصلحة السجون الأسرى ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل مكبلي الأيدي والأقدام ومعصوبي الأعين، وهي تجرهم بعنف، وتضرب رؤوسهم بالجدران والأبواب.
الأسير المحرر، محمد فلنة، ضمن الدفعة الثالثة، من بلدة صفا غرب مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، والمبعد قسرًا إلى قطاع غزة، يلفت إلى "المفارقة الكبيرة بين طريقتي الإفراج" عن الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين الذين "أطلق سراحهم من قطاع غزة بملابس نظيفة ومرتبة محملين بهدايا، ومودعين الفلسطينيين الذين احتشدوا ليكونوا شهودًا على هذه اللحظة بابتسامة وتلويح يد".
"هل أنتم عميان؟"
الأسير المحرر فلنة، المحكوم بالمؤبد وقضى 34 عامًا داخل السجن، جدد تأكيد أن إدارة السجون الإسرائيلية "تعكف على تكبيل أقدام الأسرى الفلسطينيين وأيديهم بالأصفاد وعصب أعينهم بقطع من القماش، وأن الجنود الإسرائيليين يجرون الأسرى الفلسطينيين المكبلين بعنف، ويضربون رؤوسهم بالجدران أو الأبواب، ومن ثم يسألونهم متهكمين "هل أنتم عميان؟، في وقت كان فيه الأسرى معصوبي الأعين وغير قادرين على الرؤية".
ويتابع أنه "بينما كان الأسرى يتجهزون للمغادرة بكت إحدى المجندات الإسرائيليات، لتجيب حينما سألها زميلها عن السبب، بالقول "لأن هؤلاء (الفلسطينيون) غادروا أحياء، كان ينبغي أن يموتوا" في السجن.
ساعات من التعذيب
قبل مغادرتهم السجن، قضى الأسرى الفلسطينيون، الذي كان من المفترض أن يخرجوا ضمن الدفعة الثالثة، ساعات طويلة من التعذيب على أيدي "مصلحة السجون" الإسرائيلية.
يقول فلنة عن ذلك أنهم "تعرضوا ليلة الإفراج عنهم منذ الساعة 3 فجرا وحتى 7 صباحًا بالتوقيت المحلي إلى ضرب شديد وهم مكبلون".
وقبل انطلاق الحافلة التي تقلهم، تعمدت مصلحة السجون إبقاء الأسرى داخلها بنوافذها المغلقة وإطفاء جهاز التهوية الذي كان يخفف قليلاً من حدة الأجواء: "جلسنا في الحافلة نحو 4 ساعات وأغلقوا المروحة، اختنقنا بالداخل، وطلبنا إعادة تشغيلها ليقولوا لنا إن شاء الله تموتون!".
ويشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعمد إنزالهم من الحافلة قرب حدود غزة دون تسليمهم للصليب الأحمر، مع ضربهم بالأقدام والأيدي.
ويلفت إلى أن أحد الأسرى لم يكن قادرًا على السير من شدة الضرب، وأنه "تمسك هذا الأسير بي ومشينا مسافة نحو كيلومتر، حتى رأينا الصليب الأحمر وجاء لاصطحابنا".
ويبيّن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي هددهم بإطلاق النيران صوبهم في حال لم يلتزموا بالمسير دون الالتفات إلى الوراء.
"وحوش إسرائيلية"
يقول فلنة، إن إدارة السجون، وعلى وجه الخصوص منذ أحداث 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى)، تحولت إلى "وحوش" في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين: "منذ ذلك التاريخ نواجه وحوشًا داخل السجون يتعمدون تخريب الغرف وسكب الزيوت على الملابس وسحب الأجهزة الكهربائية فضلاً عن الضرب المتعمد ورش الغاز المسيل للدموع".
ويستطرد قائًلا إنهم "كانوا يضربوننا بالأقدام، ويجرونا أرضًا كما يجرون الكلاب، ونتعرض للشتم والإهانة.. كانوا يقتحمون الغرف ليلاً برفقة الكلاب، ويتعرضون للأسرى بالضرب بينما يرفضون نقل المصابين" للعلاج.
ويروي فلنة قول أحد عناصر وحدات القمع الإسرائيلية حين طُلب منه نقل أسير فلسطيني أصيب أثناء الضرب "دعوه.. عندما يموت نأخذه مثل الكلب إلى المقبرة".
تجويع متعمد
إلى جانب ذلك، تعرض الأسرى الفلسطينيون لتجويع إسرائيلي متعمد ما تسبب بفقدانهم عشرات الكيلوغرامات من أوزانهم.
وفي هذا الصدد يقول فلنة إنه فقد نحو 35 كيلوغرامًا من وزنه خلال تلك الفترة؛ بسبب عدم تقديم وجبات طعام كافية للأسرى الفلسطينيين: "في مواعيد الوجبات الثلاث نحصل على وجبة لا تكفي لطفل عمره عامان".
ويفيد بأن شكله جراء فقدان الوزن تغيّر بشكل كبير إلى درجة أنه لم يتعرف على نفسه حين أجرى اتصالاً مرئيًا مع عائلته في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
ويتابع أنه بينما كان يتحدث عبر الاتصال المرئي وإذ به يرى شخصًا غريبًا في خانته الخاصة، قبل أن يفاجأ لاحقًا بأنها صورته.
ويذكر فلنة أن "المرايا ممنوعة داخل السجون، وكانوا يضربون الأسرى حين يجدون، ولو قطعة صغيرة منها معهم".