فلسطين أون لاين

العودة من النزوح تنكأ جراح أسرة الصحفي الشهيد "حسونة"

...
غزة/ فاطمة حمدان:

تجددت أوجاع أسرة الصحفي فادي حسونة وهي تعود لحي التفاح في مدينة غزة دون أن يكون ابنها الشهيد الذي صمم على ألا يتزوج أثناء النزوح إلى جنوب قطاع غزة رغم إصرار عائلته على ذلك، مقررا أن يكون ذلك بعد العودة إلى غزة حيث كان متفائلا بالعودة رغم قتامة الأوضاع، لكن لم يدر بخلد أسرته يوما أنها ستعود بدونه وأنها لن تقيم له "مراسم زفاف" بل "بيت عزاء".

والشهيد فادي " ٢٢عاما" شق طريقه في مجال الصحافة مبكرا حيث منذ التحاقه بتخصص" تصميم وتطوير مواقع الويب" في جامعة الإسراء حصل على فرصة عمل في فضائية "القدس اليوم" فقد أهلته مهاراته التي لفتت انتباه الجميع في العمل ليتم استقطابه في المؤسسة منذ العام ٢٠٢٠م رغم أنه ما زال يدرس في الجامعة.

وأثناء عمله غطى حسونة برفقة الفضائية الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وهو على رأس عمله، ولكن "حرب الابادة الاسرائيلية الأخيرة" كانت الأصعب والأقسى في استهداف الاحتلال للصحفيين، ما بعث الخوف في نفوس أسرته خشية على حياته.

يقول والده ايهاب حسونة لصحيفة "فلسطين": "كان يداوم بشكل يومي في سيارة البث الخاصة بالفضائية أمام مستشفى العودة في مخيم النصيرات، ولا نراه سوى كل شهر ثلاثة أيام حيث كنا نقيم في مخيمات النزوح في مواصي خانيونس".

كان يواجه خوفنا عليه وطلبنا منه بعدم الذهاب للعمل بالقول بأن "الصحافة رسالة يجب تأديتها لنقل ما يحدث من جرائم إسرائيلية بحق شعبنا للعالم أجمع"، يقول والده.

فقد كان عشق فادي للصحافة أكبر من كل المخاوف حيث كان يعمل على كشف جرائم الاحتلال، "كان العمل الصحفي بالنسبة له مجال يطمح للارتقاء فيه والوصول لمراتب متقدمة".

وأثناء النزوح كانت الأسرة تلح على "فادي" بالخطوبة والزواج لكنه كان يرفض ذلك بشكل تام ويصمم على ألا يتزوج إلا عندما يعود لبيته في غزة، فلم يكن لديه أي وقت للارتباط حيث كان مقيما بشكل دائم في سيارة البث.

ويعود حسونة بذاكرته لليوم الذي حمل له الخبر الأصعب في حياته وهو ارتقاء ابنه فادي، "تنامت الأخبار إلى جيراني في مخيم النزوح حيث كنا كأسرة واحدة أن الاحتلال استهدف سيارة بث فضائية، شعرت بشيء غريب من توافد الجيران الخيمة بشكل كبير ولكن لا أحد منهم كان يتحدث معي بشيء".

ويضيف: "عندما أدركوا أنني لا أعلم عن أمر الاستهداف طلبوا مني الاتصال بـ"فادي" للاطمئنان عليه، اتصلت به وبزملائه الأربعة المتواجدين معه دائما في السيارة فلم يردوا، وبعد عدة اتصالات بزملاء آخرين له، أخبروني بأنه قد أستشهد".

لم يكن وقع الخبر بالسهل أبدا على حسونة خاصة أن الاحتلال استهدف سيارة البث بصاروخ استطلاع وترك النيران تأكل من بداخلها دون أن يتمكن أحد من انقاذهم حيث أحاطت طائرات الاحتلال سواء الاستطلاع أو الحربية بالمكان فاستشهد فادي وزملاؤه حرقا.

كان وقع الخبر صعبا على كل من عرف فادي حتى جيران أهله في مخيم النزوح الذين رغم قصر المدة التي عرفوه فيها فقد أحبوه من سيرته، واندماجه بسهولة مع المحيطين به فشعروا بالحزن الشديد عليه.

يقول والده "قبيل استشهاده أخذ فادي إجازة من العمل مدتها عشرة أيام كانت الأطول له طوال الحرب فتعلق به الشباب بالمخيم الذين كان يلعب معهم كرة القدم".

واستشهد فادي مع زملائه الذين تقاسم معهم "العيش والملح" طوال فترة الحرب فقد حرقهم الاحتلال الغادر هم ومعداتهم حتى كان من الصعوبة بمكان التعرف عليهم.

يقول حسونة: "كانت أطراف فادي ورأسه ذائبة من شدة الحرق وجسمه تحول لكتلة من الرماد، عرفناه من كعب رجله ومن كونه الأصغر حجما بين زملائه الشهداء".

المصدر / فلسطين أون لاين