فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

العائدون: توفير أساسيَّات الحياة ضرورةٌ آنية لتثبيت صمودنا

...
العائدون: توفير أساسيَّات الحياة ضرورةٌ آنية لتثبيت صمودنا
خان يونس / مريم الشوبكي

تستمر رحلة عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله منذ يوم الإثنين الماضي. ورغم أن الكثير منهم فقد منزله في حرب الإبادة الإسرائيلية التي دارت رحاها على مدار 15 شهرًا، فإنهم يصرّون على الصمود فوق أنقاضه، والعمل على إعادة الحياة إلى الشمال المنكوب.

وهنا يصدح صوت العائدين بضرورة الإسراع في إيجاد مقومات الحياة الأساسية، من توفير شبكات المياه، وإزالة الركام، وتوفير خيام وكرفانات تقيهم من برودة فصل الشتاء.

شبكات المياه

تمكن نائل اسليم من الوصول إلى مدينة غزة منذ يومين، بعد رحلة مشي شاقة للغاية، قطع خلالها أكثر من 9 كيلومترات، حتى وصل إلى أنقاض بيته في شرق غزة.

يقول اسليم (30 عامًا) لـ "فلسطين أون لاين": "هالني حجم الدمار في مدينتي. أثناء السير لم أكن أعرف في أي شارع أسير، لم يعد للمدينة معالم، تهت أكثر من مرة أثناء السير برفقة أطفالي الثلاثة وزوجتي".

يتابع: "لم تتوقف زوجتي عن البكاء، فرحًا بالعودة تارة، وحزنًا على حالة المدينة الأحب إلى قلبها تارة أخرى، فالحزن والركام والرماد يطغى على روح غزة التي كانت تنبض بالحياة وألوانها المبهجة".

ويشكو نائل من نقص المياه المستخدمة في أعمال التنظيف، حيث يضطر إلى السير مسافة طويلة لنقل المياه إلى مكان سكنه المؤقت عند أحد أقربائه. فالمياه لا تصل إلا مرتين في الأسبوع، وهي لا تكفي حاجته، لعدم امتلاكه براميل أو جالونات كافية لتخزين المياه لحين الحاجة إليها.

أما ندى أبو راس (33 عامًا)، فكانت محظوظة بأن بيتها لم يُدمر، لكنه تعرض للسرقة بالكامل، ما دفعها إلى تغطية الأبواب والشبابيك بالنايلون لتقيها من برودة الشتاء.

وتقول أبو راس، التي تقطن غرب مدينة غزة، لـ"فلسطين أون لاين": "بعد عودتي إلى بيتي، شعرت بأن روحي ردّت إليّ، رغم مشقة الحياة في غزة، لأنها مدمرة كليًّا. أقضي جلّ يومي في نقل جالونات المياه، حتى أتمكن من تنظيف غرفة واحدة على الأقل للمبيت فيها، ومنذ ثلاثة أيام لم أتمكن من تحقيق ذلك بسبب شح المياه في منطقتي".

وتتابع: "أعدت جميع الأغراض من فرشات وأغطية إلى أقرباء زوجي، الذين أعارونا إياها طيلة الحرب، حيث كنت أتواجد في دير البلح، وعدت مع أطفالي وزوجي سيرًا على الأقدام. لذا أحتاج إلى ملابس وأغطية، فالجو بارد للغاية ليلًا، وأتمنى توفيرها في أقرب وقت".

تثبيت الصمود

يقول أنس الجرجاوي: "قد تكون هذه المرحلة الأكثر حساسية منذ بدء حرب الإبادة التي لم تترك فينا شخصًا إلا وأصابته في نفسه أو عائلته أو بيته أو غالٍ على قلبه. لم يختر أيٌّ منا تقريبًا أن يعيش هذه الكارثة، واقتصرت اجتهاداتنا على الصمود في مواجهة النار بالجوع، والموت شمالًا، أو اللجوء المزعوم جنوبًا، وتحمل أعباء النزوح الثقيلة".

وتابع الجرجاوي: "لا شيء اليوم أكثر ضرورة ومنطقية وحكمة من توجيه طاقاتنا جميعًا إلى تفعيل كل أدوات الضغط الممكنة لإعادة الحياة إلى مدينة غزة وشمالها، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لدعم صمود الجبّارين هنا".

ويردف: "لا ينبغي أن يكون كسر مشروع التهجير عبر خلق بيئة طاردة أصعب من كسر مشروع التهجير بالنار، الذي سقط بصمود الناس وعودة النازحين".

ويشير الجرجاوي إلى أن الأمر معقد وصعب، لكنه ليس مستحيلًا، ويتطلب تكافلًا ودعمًا من الجميع، سواء من الخارج أو الداخل. فالصمود لا يمكن أن يستمر دون رفده بالمقومات، حتى لو كان ذلك بالحد الأدنى في البداية.

وختم حديثه بتساؤل: "لماذا تثبيت الناس في مدينة غزة وشمالها وتوفير أساسيات الحياة هناك أهم من أي شيء؟ لأن العقد إذا انفرط، فلن يقتصر الأمر أبدًا على الشمال، وستكون المناطق الأخرى مجرد تحصيل حاصل".

المصدر / فلسطين أون لاين