في لحظة كان فيها على موعد مع حلمه وأمل كبير ببدء حياة جديدة، غيّر قصف إسرائيلي كل شيء. حذيفة النجار، الشاب الفلسطيني الذي كان ينتظر بفارغ الصبر يومه الموعود لإشهار خطوبته، استشهد قبل أن يحقق حلمه.
النجار، ابن مدينة خان يونس، عاش أيامه الأخيرة وسط التحضيرات لحفل إشهاره، في لحظات مفعمة بالفرح والأمل، مختلفة عن أجواء الحرب التي اعتادها. كان يخطط لحياة جديدة مليئة بالتحديات والطموحات، لكن حلمه انتهى عندما أغارت طائرات الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة التي كان فيها، ليستشهد وسط الركام، تاركًا وراءه قصة مؤلمة وحلمًا لم يكتمل.
لم يكن حذيفة مجرد شاب عادي، بل كان إنسانًا ذا علاقة مميزة مع عائلته، خاصة شقيقته تسنيم، التي تكبره بعام. تصف تسنيم علاقتها بأخيها قائلة: "كان أكثر من مجرد أخ، كان السند والراضي المرضي. كنا نتشارك الكثير من اللحظات الخاصة، وكان دائمًا قريبًا مني ومن أطفالي".
ولد حذيفة عام 1990، وترعرع في أروقة المساجد، وأكمل دراسته في مدارس الأقصى (المجمع الإسلامي)، قبل أن يتخرج من الكلية الجامعية بتخصص الملتميديا، محققًا المرتبة الأولى على دفعته. عمل في مجاله بمراكز ومؤسسات عديدة، حيث تميز بإتقانه وأمانته.
تقول تسنيم لـ "فلسطين أون لاين": "كان حذيفة طيب القلب، بشوش الوجه، ومحبًا للحياة. عاشقًا للأطفال، كان يمزح معهم كثيرًا، لكنه في الوقت ذاته حنون جدًا عليهم. ما زال أطفالي يفتقدونه كثيرًا بعد مرور سنة وثلاثة أشهر على رحيله".
في الثامن والعشرين من أكتوبر 2023، وفي لحظة هزتها الحرب بكل قسوتها، استشهد حذيفة بعد قصف إسرائيلي. تقول تسنيم: "سمعت صوت الانفجار بعد أذان الظهر. شعرت أنه أصاب قلبي قبل أي شيء آخر. بعد نصف ساعة، أخبرني شقيقي الأصغر بأن حذيفة استشهد. لحظتها، كان الألم لا يوصف، لكنني حمدت الله وسلمت بالأمر".
رغم مرور الشهور، لا تزال تسنيم تشعر بغياب أخيها وكأنه مؤقت. تضيف: "كان حذيفة حاضرًا في كل تفاصيل حياتنا اليومية. رحيله ترك فراغًا كبيرًا، وما زلت أجد صعوبة في تصديق أنه لن يعود".
وتستذكر تسنيم أن حذيفة كان منشغلًا بالتجهيز لحفل إشهاره، الذي كان مقررًا في الجمعة الأولى من الحرب. تقول بأسى: "كنت سأصبح أخت العريس، لكن الحمد لله، هذه الفرحة مكتوبة له في الجنة، وليس في الدنيا. ربنا سيكرمه بها".
رحيل حذيفة، كغيره من الشهداء، يروي حكاية مؤلمة عن أمل وتطلعات للمستقبل قضت عليها الحرب. خلف كل شهيد قصص لا تزال حية في القلوب، وآمال لم تتحقق، لكنها تبقى شاهدة على جرح شعب بأكمله.