فلسطين أون لاين

"له ولمئات الآلاف من النَّازحين فرصة للعودة إلى مخيم جباليا"

رامز حامد.. وحيدٌ في خيمته يجتمع عليه النُّزوح والحرب والمرض

...
رامز حامد.. وحيدٌ في خيمته يجتمع عليه النُّزوح والحرب والمرض 
خانيونس/ عبد الرحمن يونس

يوماً بعد يوم، تكشف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قصصاً مأساوية متزايدة، بعد أكثر من 460 يوماً من القتل والدمار والتشريد والحصار والجوع والنزوح. ومن بين هذه القصص المأساوية، تبرز قصة الشاب رامز حامد، الذي يعاني من مرض القلب. 

في زاوية منسية من مركز إيواء جامعة الأقصى في خانيونس جنوب قطاع غزة، تحتضن خيمة مهترئة رجلاً في الثالثة والأربعين من عمره، وأباً لأربعة أبناء، بعد أن نزح من مخيم جباليا الذي يتعرض الآن لأكبر مجزرة بشعة في العصر الحديث. 

رامز ليس مجرد رقم في سجل النازحين، بل هو قصة حية لرجل خسر كل شيء تقريباً. في ليلة سوداء من ليالي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قصفت الطائرات الحربية منزله في جباليا، فاستشهد والده وأخواه. ولم يتوقف الألم عند هذا الحد، فقد أصيب ابنه الكبير بجروح خطيرة أدت إلى بتر يده، ما دفع زوجته إلى مغادرة غزة مع الأطفال. 

يقول رامز بصوت متعب لـ "فلسطين أون لاين": "كنت أمام خيارين كلاهما مر: إما أن أتركهم في الخطر هنا، أو أسمح لهم بالمغادرة. اخترت الخيار الثاني، وها أنا هنا وحدي منذ أكثر من عام". 

لم يكن فراق العائلة هو الوجع الوحيد في حياة رامز. ففي عام 2019، أُجريت له عملية قلب مفتوح بعد معاناة طويلة من مشاكل قلبية مزمنة. واليوم، يعيش وحيداً في خيمته الصغيرة، يتصارع مع المرض الذي أضعف جسده يوماً بعد يوم. في أحد الأيام، أصيب رامز بغيبوبة سكر وسقط على الأرض فاقداً للوعي. يقول بحزن: "لو لم ينتبه لي الجيران في المركز، ربما كنت الآن في عداد الموتى". 

ولم يكن هذا الحادث الأخير في سلسلة معاناته. فقبل بضعة أيام، تعثر رامز داخل خيمته وسقط أثناء محاولته إعداد طعامه بمفرده، مما تسبب في جرح عميق قرب عينه، استلزم إجراء عملية صغيرة تضمنت أربعة غرز. يقول رامز: "أصبحت أخاف أن يصيبني مكروه وأنا وحدي". 

خيمته ليست مجرد مأوى لرجل منهك، بل هي أيضاً مساحة تحمل أعباء الماضي والحاضر. صور أبنائه وزوجته لا تفارق شاشة هاتفه. يقول رامز: "عندما أرى هذه الصور، أتساءل: هل سأراهم مرة أخرى؟ الحرب لم تترك لي سوى الذكريات". 

ورغم كل ما مر به، يرفض رامز الاستسلام. يقول إنه يحاول أن يقضي وقته بعد انتظار طابور الماء وطابور التكية بقراءة القرآن، ليبقى متمسكاً بالأمل. ويضيف: "ربما تكون حياتي مثالاً على الألم، لكني أريد أن تكون قصتي رسالة. الحرب لا تدمر فقط المباني، بل تدمر أرواح الناس، لكنها لا تستطيع انتزاع الأمل بالكامل". 

قصة رامز هي واحدة من آلاف القصص التي ترويها غزة الجريحة. إنها شهادة حية على معاناة البشر الذين يعيشون في ظل الحصار والحرب. ورغم كل الألم الذي يحمله قلبه، يظل رامز رمزاً للصمود، يأمل أن يأتي يوم يحمل له ولمئات الآلاف من النازحين فرصة للعودة إلى مخيم جباليا.

المصدر / فلسطين أون لاين