كشفت تقارير صحفيَّة، أن وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، الذي فوّضه رئيس السلطة محمود عباس بالذهاب إلى مصر، أبلغ المصريين بشكل رسمي رفض القيادة الفلسطينية للجنة الإسناد المجتمعية، التي من شأنها إدارة شؤون قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر مطلعة- لم تسمها- رفض السلطة كذلك أي صيغة تعيد حركة حماس إلى حكم قطاع غزة. وقالت المصادر، التي اشترطت عدم ذكر اسمها: "أبلغنا المصريين بشكل رسمي أن القيادة الفلسطينية ضد لجنة الإسناد المجتمعية المطروحة، وأن هذه اللجنة هي تأكيد للانقسام وفصل قطاع غزة".
من جهة ثانية، أكد أحد المصادر، رفض القيادة الفلسطينية مشاركة حماس بحكم قطاع غزة، قائلاً: “أوضحنا للمصريين رأينا بأن أي صيغة تشارك فيها حماس أو تُعيد حماس إلى السلطة في غزة غير مقبولة”.
ووفق الصحيفة أبدت مصر انزعاجها الشديد من قرار القيادة الفلسطينية الرافض لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي في قطاع غزة، خاصة بعد أن قطعت القاهرة شوطًا طويلًا في إعداد الورقة الخاصة باللجنة وعقدت اجتماعات مع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة “فتح”، للتشاور حول تفاصيلها.
وفي السياق، كشف مصدر فصائلي مطلع على مجريات مناقشة لجنة الإسناد المجتمعي؛ عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف موقف حركة فتح من رفض المشاركة باللجنة؛ والتي تقف جميعها خلف سبب رئيسي وهو "جلب أموال قطاع غزة".
وأوضح المصدر لموقع "الرسالة نت"، أن حركة فتح تطالب وتشترط استلام أموال غزة؛ وأموال الاعمار أيضا؛ وترفض فكرة صندوق يتم انشائه لتمويل الاعمار؛ واضطلاعه بقيام تولي المهمة.
وأضاف المصدر: "أن وفد فتح لم يتحدث عن التبعية السياسية للحكومة للمنظمة ولا غيرها؛ وتخوفه الوحيد كان البحث عن أموال غزة تحديدا مال الاعمار".
وتابع: "فتح لديها شكوى تقدمت به أن الأطراف العربية الممولة للإعمار لا ترغب بدور مباشر للسلطة بها؛ وهو ما دفعها للطلب مباشرة أخيرا أن تسأل "من سيستلم مال الاعمار؟!"
يُذكر أنّ حركة حماس أعلنت، موافقتها على المقترح المقدم من في مصر حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة، وذلك بعد لقاءات معمقة جرت مع حركة فتح في القاهرة.
و"لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة غزة"، هو مقترح مصري، معنيّ بإدارة القطاع في "اليوم التالي" لانتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتنص وثيقة إنشاء اللجنة على أن "تقوم بإدارة قطاع غزة وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية ومسؤولة عن كافة المجالات (صحية – اقتصادية – تعليمية – زراعية – مرافق خدمية وحيوية)، بما يشمل أعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار.
ونصت الوثيقة على تشكيل هيئة دعم وإسناد وطنية من الجهات المحلية في القطاع وبما يضمن أداء اللجنة مهامها المنوطة بها بصورة كاملة دون أي عقبات أو عوائق نظرا للأوضاع الراهنة هناك بالتعاون مع الجهات الرقابية الرسمية.
وتتشكل اللجنة، بحسب الوثيقة، من 10-15عضواً من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءات والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية، ويتكون الهيكل التنظيمي للجنة من رئيس ونائب ومسؤولين لملفات المساعدات، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، ومسؤول الحكم المحلي، ومسؤول إعادة الإعمار ومسؤول للتواصل مع الجهات المحلية والمنظمات الدولية، إضافة إلى ممثل عن هيئة المعابر.
وفي 9 ديسمبر الجاري، أعلنت حركة فتح، رفضها مقترح تشكيل “اللجنة المجتمعية لإسناد قطاع غزة”، والتي جاءت بطرحٍ من الجانب المصري على الفصائل الفلسطينية ضمن مجموعة لقاءات مكثفة جرت بالقاهرة في الآونة الأخيرة .
وقال القيادي في الحركة عبد الله عبد الله في تصريحٍ صحفي إنّ فتح وبعد نقاشٍ عميق أبلغت مصر رسميًا، رفضها مقترح تشكيل “لجنة الإسناد”؛ لأنه من وجهة نظرها “يُكرس الانقسام بين شطري الوطن قطاع غزة والضفة الغربية.
وجاء رفض فتح رغم مشاركة وفدها برئاسة عبد الله في اجتماعات مع حركة حماس في القاهرة، نتج عنها الاتفاق على ورقة بتشكيل اللجنة، قبل أن تتراجع عنها.
وزعم عبد الله في تصريح صحفي، أنّ البديل يتمثل في أن تتولى منظمة التحرير الفلسطينية، المشهد والتحرك السياسي كاملًا؛ “ونحن كفلسطينيين نتفاهم على كل المصالح الداخلية.
وقال: إنّ "ليس بالضرورة أن يأخذ ضابط مخابرات الأبعاد السياسية التي تترتب على أي اقتراح، والجانب المصري سيتفهّم أسباب رفض فتح لمقترحها"، مشيرًا إلى أنّ حركته "لا تريد إغلاق قنوات الحوار مع حركة حماس، لكن التحرك الآن يجب أن تتولاه منظمة التحرير على غرار ما جرى في لبنان"، على حد قوله.
وأثار موقف حركة فتح، انتقادًا واسعًا من فئات مجتمعية وشعبية إلى جانب عدد من الكتاب والسياسيين، خاصة وأن الموقف يأتي في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من أوقات صعبة، وما يعايشه سكان قطاع غزة من جرائم الإبادة الجماعية.