يعيش الغزي فتحي صبح، البالغ من العمر 73 عامًا، مع أسرته المكونة من سبعة أفراد في خيمة نصبها في شارع الوحدة بمدينة غزة. ورغم هذه المعاناة، أضيفت إلى كاهله معاناة أخرى تتمثل في خشيته من اصطدام السيارات المارة بخيمته في أي لحظة.
ولا يُخفي صبح قلقه الدائم على سلامة أطفاله، الذين يعانون من البرد القارس وقلة الأغطية والفراش والملابس التي تساعدهم على تدفئة أجسادهم، إضافة إلى خوفهم من السيارات المارة.
ويسترجع السبعيني ذكريات أليمة من الحرب، ويقول بصوت منهك لصحيفة "فلسطين": "نزحنا من بيت لاهيا شمال قطاع غزة في 13 ديسمبر الماضي، بعد أن حاصرنا جيش الاحتلال. انتقلنا بصعوبة بالغة سيرًا على الأقدام إلى مدينة غزة، بعد أن دقق الجيش في هوياتنا وأهاننا". ويضيف: "كان أطفالي خائفين، وأصبت بشظايا في قدمي، بينما أصيبت ابنتي دعاء (6 سنوات) بشظية في بطنها".
وأشار إلى أن الشظية التي اخترقت جسد ابنته النحيل أدت إلى قطع في الأمعاء، ما اضطر الأطباء، بعد وصولهم إلى المستشفى المعمداني، لإجراء أكثر من عملية جراحية لها. أما هو، فما زال يعاني من إصابة بشظايا مستقرة في قدمه، وقد قرر الأطباء تأجيل إجراء العملية له حتى انتهاء الحرب، بسبب نقص الإمكانيات، ولأن حالته تُعدّ أقل خطورة مقارنة بالحالات التي يستقبلها المستشفى على مدار الساعة.
تنقل مستمر
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية الضروس على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، قال الحاج فتحي إنه انتقل بعائلته 15 مرة بين عدة مناطق في شمال القطاع ومدينة غزة، مما أثر بشكل كبير على استقرارهم النفسي والجسدي.
وأضاف: "مكثنا في المستشفى المعمداني، أنا وأطفالي الأربعة - ثلاث بنات وولد - لمدة أسبوع. وبعد استقرار حالة ابنتي دعاء، لم نجد مكانًا نقيم فيه سوى نصب خيمة لنا في الشارع".
وتابع: "الحياة في الشارع ليست سهلة. أعاني إلى جانب هذه الحياة القاسية من نقص حاد في الأموال، ما يمنعني من شراء الأدوية اللازمة لابنتي أو شراء الأغطية والفراش لأبنائي".
وقال بمرارة: "عدد من أطفالي ينامون على فراش، بينما ينام آخرون على الأرض بسبب نقص الأغطية وعدم قدرتي على توفيرها".
معاناة مضاعفة
ومع دخول فصل الشتاء، ازدادت معاناة الأسرة، حيث أصبح البرد القارس تهديدًا حقيقيًا لصحتهم وسلامتهم. وكلما تساقطت الأمطار، ينشغل الحاج فتحي وأطفاله بوضع سواتر من الرمل حول خيمتهم لمنع مياه الأمطار من التسرب إلى داخلها.
وأشار إلى أنه ينتظر انتهاء الحرب والعودة إلى منزله، الذي دُمّر بالكامل خلال الاجتياح الأخير لمدينة بيت لاهيا، ليتمكن من نصب خيمته على أنقاضه، على أمل أن يعيد ذلك لهم بعضًا من شعور الاستقرار الذي فقدوه.
وناشد صبح أحرار وشرفاء العالم العمل على وقف الحرب الضروس على القطاع، وتلبية احتياجات السكان الضرورية من مأكل ومشرب وملابس وأغطية وخيام تقيهم من البرد وتسرب مياه الأمطار إلى داخلها. واختتم الحاج فتحي حديثه قائلاً: "نحن بحاجة إلى المساعدة، بحاجة إلى الأمل في غدٍ أفضل".