في رأس نبحث عنه لسا مش مبين"، بهذه الجملة صرخ عبد الحيلة وسط جموع المواطنين الذين هرعوا إلى مدرسة الشيخ جميل التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" غرب خان يونس، بعد قصفها بصاروخ من طائرة اف 16 حربية إسرائيلية.
استمر الحيلة وبرفقته عدد من المتطوعين في البحث عن بقايا أجساد الشهداء الذين مزق الصواريخ الإسرائيلية أجسادهم وتسببت في حرقها وتناثرها في أرجاء الفصل الدراسي المستهدف، لساعات متأخرة من ليل أمس السبت.
جمع الحيلة في كيس بلاستيك أجزاء من أشلاء شهداء وذهب بها إلى مستشفى ناصر، ووضعت بثلاجة الشهداء إلى جانب الأشلاء وبقايا التي وصلت إلى المستشفى بعد القصف الإسرائيلي.
في المدرسة التي تؤوي آلاف النازحين، كان الخوف والحزن يخيم على وجوه من قرر البقاء بهذه المدرسة، بعد مشاهد استباحة الدماء من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وحرقه الناس وهم أحياء.
ومساء الأحد، ارتقى 12 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة "الشيخ جميل" التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" غرب مدينة خان يونس، وفق مصدر طبي للأناضول.
وقصفت إسرائيل هذه المدرسة، التي تؤوي مئات النازحين من الأطفال والنساء والمسنين، دون سابق إنذار وحولتها إلى ساحة من الموت والدمار.
قال الحيلة لـ"فلسطين أون لاين": "وصلنا إلى المدرسة التي اسكن بجوارها، وكان النيران مشتعلة بالنازحين وأصوات الصراخ تصدر من كل مكان والكل يهرب يمين ويسار بسبب قوة الضربة التي استهدفت المدرسة".
أضاف الحيلة: "دخلنا إلى الفصل المحترق، ووجدنا الناس تشتعل بالناس، ولم يستطيع أحد إنقاذ حياتهم لأن النار شديدة وأجسادهم ممزقة من شظايا الصواريخ كأن أحد قام بتقطيعهم بمنشار كهربائي".
بدأ الحيلة بتجميع أشلاء الشهداء وهي قطع صغيرة من داخل المدرسة ووضعها داخل سيارة الإسعاف التي حضرت لانتشال المصابين والشهداء، ولكنها وجدت نفسها أمام مجزرة وشهداء بلا جثامين.
استشهد في القصف الإسرائيلي على المدرسة 12 نازحًا، بينهم أطفال، وأصيب آخرون بحروق مختلفة.
بالمدرسة المجاورة للمجزرة، يصف النازح محمد العطار ما حدث بأنه من أهوال يوم القيامة بسبب شدة القصف وصوت انفجار الصاروخ الذي سقط على النازحين داخل الفصل.
قال العطار في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "عند الساعة الثامنة مساءً، سمعنا صوت الصاروخ يسقط على مدرسة الشيخ جميل، وشعرت حينا أن مدرستنا هي المستهدفة بسبب قوة الصوت الناتج عن الانفجار".
عاش العطار لحظات صعبة حين قرر الذهاب إلى مكان القصف ومشاهدته أشلاء الشهداء الممزقة في كل مكان، ووجود جثث بلا رؤوس، وأجساد تشتعل بها النيران ولا أحد يستطيع الاقتراب منها أو إخراجها من هذا الجحيم.
قال العطار: "ما شاهدته بعد القصف سيبقى في ذهني ولن استطيع أنساه أو اتخطاه من حياتي، خاصة مشاهد الأطفال وأجسادهم ممزقة وأحدهم بلا قدم، وآخر النار كانت مشتعلة به ولم يستطيع أحد حتى إطفائه".
وبدعم أميركي يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، خلفت أكثر من 151 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
كما تتحدى إسرائيل قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.