قال مسؤول في الصحة النفسية بدير البلح: إن الوضع النفسي في قطاع غزة "صعب جدا" مع استمرار الحرب لأكثر من سنة، ذاكرا أن حالات الصدمة تصل إلى قرابة 70% بين المواطنين.
وأوضح رئيس وحدة الصحة النفسية في مستشفى شهداء الأقصى عرفات أبو مشايخ أن الفئتين الأكثر هشاشة من بين المصابين بالصدمة النفسية هما الأطفال والنساء.
وبين أبو مشايخ لـ"فلسطين أون لاين" الأحد، أن في قطاع غزة نحو 60 ألف سيدة حامل يعانين من المجاعة وفقر الدم وسوء التغذية بما يسبب لهن توترات نفسية شديدة تؤثر في الأطفال وحتى الأجنة في بطونهن.
ونبه إلى أن الصدمة النفسية هي عبارة عن عرض وليست مرضا إذا عولجت، ولكنها إذا استمرت لفترات تصبح مرضا وتؤدي إلى مشاكل نفسية مثل الاكتئاب الحاد عند الكبار والصغار.
كما أن الصدمة النفسية -والحديث لا يزال لأبو مشايخ- يمكن أن تؤدي إلى التبول اللاإرادي والخوف من الظلام والتشتت وعدم التركيز وصعوبات في النوم وغير ذلك.
وأشار إلى أن بعض المحررين من سجون الاحتلال عانوا من الانفصام بالشخصية نتيجة التعذيب والضرب على الرؤوس.
وطالت الصدمة النفسية شرائح المجتمع المختلفة بما في ذلك جزء من الكوادر الطبية ممن استقبلوا أقارب لهم في المستشفيات ولم يتحملوا رؤية المجازر اليومية المهولة، بحسب إفادته.
أيضا أفاد بأن علاج الصدمة النفسية تدريجي لكن لا يمكن التخلص منها مع استمرار الحرب.
وفي الوقت نفسه، قال أبو مشايخ: إن 100% من الغزيين يعانون من الضغوط النفسية، مضيفا أن ما يجري في قطاع غزة "مهول وصعب جدا لم يحدث في تاريخ البشرية".
وتابع: حتى في الحربين العالميتين الأولى والثانية لم يحدث ما فعلته (إسرائيل) في قطاع غزة الذي دمرته وحاولت أن تخرج 90% من مستشفياته من الخدمة وأدخلت الناس في مجاعة لدرجة أن كيس الطحين غير متوفر.
وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي فرض حروبا أخرى أيضا على الغزيين تنتظرهم بعد الحرب على أصعدة متعددة منها إعادة البناء والإعمار والتعليم والمياه والبنية التحتية والبنية الجسمية للمواطنين ولاسيما الأطفال وتأهليهم بعد المجاعة.
ولفت إلى أن البعض لديه القابلية للتأقلم والتكيف مع الضغوط النفسية لكن جزءا كبيرا لم يستطع التكيف لأن ما يجري لم يشهد له التاريخ مثيلا.
وحذر من أنه إذا لم تعالج هذه الضغوط النفسية واستمرت لفترة طويلة فإنها قد تؤثر على الجسم بكامله وتسبب أمراض السكري والضغط والقلب والقولون والمعدة والشد العضلي وغيرها.
وأكد أن من يعالج مبكرا يحصل على نتائج جيدة، بينما الباقون سيكونون بحاجة إلى العلاج المعقد بعد الحرب.
وعن مدى إقبال الحالات النفسية على الوحدة للعلاج، قال أبو مشايخ: إنه يقدر بخمسة آلاف حالة شهريا، لكننا للأسف نعاني من ضعف الإمكانات، وصحيح أن لدينا كوادر مدربة لكن عددها لا يكفي في ظل الواقع الحالي.
كما أبدى أسفه على تدمير الاحتلال مستشفى الطب النفسي بالكامل في غزة، والذي كانت طاقته الاستيعابية 20 سريرا، بينما الآن لا يوجد أي سرير، والمرضى النفسيون في الشارع، كما أن معظم مراكز الصحة النفسية أخرجت من الخدمة.
وقال أبو مشايخ: إن المؤسسات الدولية لم تفكر بأن تنشئ مستشفى جديدا للطب النفسي في القطاع.
وأضاف أن هذه المؤسسات ترى في الغالب أن التدخلات النفسية تكون بعد الحرب. وأكد أن قطاع غزة بحاجة إلى "جيش كبير" من الأخصائيين النفسيين، للتعامل مع الحالات النفسية في القطاع.
ونبه إلى أن وحدة الصحة النفسية في مستشفى شهداء الأقصى تقدم خدمات الدعم النفسي كالاطمئنان على الحالات وبعض العلاجات المهدئة والمنومة، لكنها تفتقر لوجود أسرة.
ومع نزوح مئات الآلاف من المواطنين إلى دير البلح وسط القطاع بفعل الحرب المستمرة تزايدت الأعباء الملقاة على مستشفى شهداء الأقصى التي لم تسلم هي الأخرى من القصف في داخلها ومحيطها.
وأكد رئيس وحدة الصحة النفسية الحاجة لمستشفى طب نفسي ميداني في القطاع حتى يستطيع التعامل مع الكم الكبير من الحالات.