فلسطين أون لاين

بعد عام وثلاث شهور

تقرير غياب التعليم.. كارثة نفسية وحقوقية يعيشها أطفال غزة

...
غزة/ صفاء سعيد:

طال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كافة جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم. وعلى مدار عامٍ وثلاثة أشهر مضت، توقفت عجلة التعليم بشكل كامل، حيث دُمرت المدارس والجامعات، وحرِم مئات الآلاف من الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم.

هذه الأزمة التي أضافت عبئًا نفسيًا واجتماعيًا كبيرًا على الأسر، تجعل من مستقبل جيلٍ كاملٍ على المحك، حيث لا يقتصر التأثير على الفقدان الأكاديمي فقط، بل يتعداه إلى فقدان الشعور بالاستقرار والأمان الذي كان يمثله الذهاب إلى المدرسة.

كارثة إنسانية

"غياب الأطفال في قطاع غزة عن مدارسهم لأكثر من عام وثلاثة أشهر بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير يعد كارثة إنسانية تمتد آثارها لأجيال قادمة،" تقول الأخصائية النفسية إيمان الكاشف، مضيفةً:" إن هذا الانقطاع عن التعليم أثر بشكل عميق على الصحة النفسية والعاطفية للأطفال، بالإضافة إلى تداعياته الأكاديمية".

وأوضحت في حديث لـ"فلسطين أون لاين" أن الحرب والحرمان من التعليم تسببا في ظهور حالات واسعة من القلق والاكتئاب بين الأطفال، فكثير من الأطفال يعانون من كوابيس، فقدان الشعور بالأمان، واضطرابات سلوكية ناجمة عن صدمة الحرب.

واستدركت الكاشف:" كما أن الاحتلال حرم عشرات الآلاف من الطلبة من المدرسة والبيئة التعليمية والتي كانت تمثل لهم أكثر من مجرد مكان للتعلم؛ كانت بيئة آمنة للتفاعل الاجتماعي والتطوير النفسي، والنمو العاطفي وتكوين الهوية الذاتية".

وذكرت أن الغياب الطويل عن الدراسة أدى إلى خسارة هائلة في المحتوى التعليمي، مما يصعب تعويضه حتى مع استئناف الدراسة، فبعض الطلاب قد يفقدون الدافع للتعلم بالكامل نتيجة هذه الفجوة الطويلة.

وأردفت:" أنه في ظل الانقطاع المستمر، لاحظنا ارتفاعًا في معدلات القلق والاكتئاب لدى الأطفال، إلى جانب ظهور مشكلات سلوكية مثل العدوانية أو الانطواء، كما أن الانفصال عن أقرانهم والتعرض لصدمات الحرب المتكررة أثّرا بشكل عميق على قدرتهم على التركيز والتعلم، مما قد يؤدي إلى تراجع في قدراتهم الأكاديمية والنفسية على المدى الطويل".

تدخل عاجل

وشددت الكاشف على أنه من المهم أن ندرك أن إعادة تأهيل الأطفال نفسيًا وتعليميًا سيتطلب جهودًا مكثفة، مشيرةً إلى الحاجة إلى تدخلات شاملة تتضمن جلسات دعم نفسي، توفير بدائل تعليمية كخيام أو منصات تعليم إلكترونية (إن توفرت البنية التحتية)، بالإضافة إلى دعم الأسر التي تعاني من ضغوط هائلة بسبب النزوح والدمار.

وطالبت المنظمات الإنسانية والدولية إلى التدخل العاجل لإعادة بناء النظام التعليمي، وإطلاق برامج دعم نفسي للأطفال وأسرهم، داعيةً إلى تقديم برامج تقوية مكثفة للأطفال لتعويض الفاقد التعليمي.

وأكدت على أن الأطفال هم الضحية الصامتة للحرب، وإذا لم يتم التدخل بشكل سريع وفعال، فإننا نخاطر بفقدان جيل كامل يحمل في قلبه جروح الحرب وآثارها النفسية والاجتماعية العميقة.

واختتمت حديثها قائلة: "إن الاستثمار في تعليم أطفال غزة اليوم هو الضمان الوحيد لمستقبل أفضل للقطاع بأكمله."