أكد المحامي الفلسطيني في مجال حقوق الإنسان، راجي الصوراني، أن مذكرات التوقيف الصادرة مؤخراً عن المحكمة الجنائية الدولية بحق قادة "إسرائيليين" تمثل نقطة تحول كبيرة في مواجهة الجرائم التي ترتكبها (إسرائيل) ضد الفلسطينيين، وتفتح "عهداً جديداً" من المساءلة القانونية.
وقال الصوراني، مؤسس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، لوكالة الأناضول، إن تحركات المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزراء الاحتبال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تعد "قراراً تاريخياً" يشير إلى نهاية حقبة طويلة من الإفلات من العقاب.
وأضاف: "نحن نتجه نحو عهد جديد حيث ستدرك (إسرائيل) تماماً العواقب في المستقبل".
وأشار إلى أن الجرائم ما زالت مستمرة في غزة، قائلاً: "ما زلنا نرى الإبادة الجماعية، القتل الجماعي، التهجير الجماعي، التجويع الجماعي، والحصار على غزة... لكن بالتأكيد، سواء أرادت (إسرائيل) أم لم ترد، فإن هذا القرار سيعمل ككرة ثلج، ولن يتمكن أي طرف على الأرض من إيقافه".
وأكد الصوراني أن "(إسرائيل) ستُحاسب، ليس أخلاقياً، بل قانونياً"، مشدداً على أن "القرارات القضائية لا تنهي الاستعمار أو العنصرية أو الإبادة الجماعية، لكنها الأساس لذلك".
إجراءات ملموسة
ودعا الصوراني الدول إلى اتخاذ إجراءات ملموسة للضغط على (إسرائيل)، مثل وقف شحنات الأسلحة، ووقف الدعم الاقتصادي، وإنهاء جميع التسهيلات التجارية. كما ذكّر المجتمع الدولي بقرار محكمة العدل الدولية الذي نص على أن استمرار الاحتلال (الإسرائيلي) للأراضي الفلسطينية "غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن".
وأضاف: "آمل أن يستيقظ المجتمع الدولي ويساعد الفلسطينيين على تحقيق ذلك"، موضحاً أنه قضى سنوات في جمع الأدلة حول الحصار المفروض على غزة، وقدم عشرات القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية منذ أن صدقت السلطة الفلسطينية على نظام روما الأساسي في عام 2015.
وتساءل قائلاً: "كم من الأرواح يجب أن نفقد؟ وكم يجب أن يعاني الشعب الفلسطيني حتى نصل إلى مثل هذا القرار؟ إنه قرار جيد، لكنه جاء متأخراً جداً، ودفعنا ثمناً باهظاً. لو كانت هناك مساءلة في الوقت المناسب، لما كانت (إسرائيل) قادرة على ارتكاب الإبادة الجماعية".
أمل أن تكون البداية
وأعرب الصوراني عن أمله في أن تكون هذه الخطوة مجرد بداية للمزيد من المساءلة، داعياً المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق مع مسؤولين إسرائيليين آخرين واتهامهم، بمن فيهم كبار القادة العسكريين وممثلي منسق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة.
وقال: "آمل أن تكون هذه بداية كرة الثلج، وأن تكون مذكرتا التوقيف بحق نتنياهو وغالانت ليستا النهاية، بل بداية المزيد". وأضاف محذراً: "وإلا، ستكون غزة مقبرة القانون الدولي".
وانتقد الصوراني بشدة الدعم الأمريكي لـ(إسرائيل) رغم ارتكابها جرائم حرب في غزة، واصفاً ذلك بـ"العار الكبير". وأوضح أن فيتو الولايات المتحدة على وقف إطلاق النار قد شل الجهود الدولية لإنهاء الإبادة الجماعية.
وقال: "هذا يجعل النظام السياسي الدولي مشلولاً وغير فعال"، مضيفاً أن هذه مشكلة رئيسية في المؤسسات الدولية، لا سيما الأمم المتحدة، والتي يجب تصحيحها في المستقبل القريب. وحذر من أن الفشل في ذلك سيؤدي إلى "دعوة حقيقية لسيادة قانون الغاب بدلاً من سيادة القانون، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف".
ردود على تصريحات فرنسا
كما انتقد الصوراني تصريحات فرنسية، بما في ذلك ما قاله وزير الخارجية جان نويل بارو، بأن نتنياهو يتمتع بالحصانة لأن (إسرائيل) ليست طرفاً في المحكمة الجنائية الدولية، واصفاً ذلك بأنه "عار كبير".
وأشار إلى تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، التي أكد فيها أن قرار المحكمة الجنائية الدولية ملزم قانوناً وليس عملاً سياسياً. وأعرب عن أمله في أن تمهد هذه الوضوحية القانونية الطريق لاتخاذ إجراءات أقوى ضد (إسرائيل) وقادتها.