بداية لكي لا يفهم مقالي في سياق خاطئ لا بد أن أبدي وجهة نظري في شخصية الأمير الحسن بن طلال بأنه واسع الثقافة بل له مركز مرموق على مستوى المفكرين الاستراتيجيين في المنطقة، وكان له محاضرات ولقاءات فكرية حول ما يدور في المنطقة وأهمها الأزمة العراقية مستقرئًا ما سيسوق التاريخ من أحداث، ولكن يهمني بهذا الصدد أن أركز الضوء على ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومستقبلها ومقولة جلالة الملك عبد الله الثاني "الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين"، وكما قال الأمير الحسن في 20/8/2011م وتعليقا أيضا على مقولة الوطن البديل قائلا: إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين والتراب الذي يقيم عليه الفلسطينيون.
ولكن ماذا تغير هذه الأيام؟
من المعلوم أن جلالة الملك عبد الله الوصي على المقدسات بموجب اتفاقية مؤخرا بين الرئيس محمود عباس وجلالته وما زالت وزارة الأوقاف الأردنية تتبع الجهات الرسمية الأردنية وأيضا هناك مستشار خاص للملك لشؤون المقدسات الإسلامية والمسيحية في الضفة.
طرحت مقابلة ومحاضرة للأمير الحسن فيما بعد بدأ ترويجها إعلاميا هذه الأيام تتحدث على أن الضفة الغربية جزء من الأردن وأوسلو فشلت ومنظمة التحرير فشلت ولم تستطِع تحقيق أهدافها بعد فك الارتباط مع الأردن في عام 1988م وكانت الضفة الغربية جزءًا من الأردن منذ مؤتمر أريحا عام 1949م إلى عام 1967م عندما احتلت من الإسرائيليين، وفي عام 1974م اعترفت الجامعة العربية بأن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد.
اعتقد أن الأمير الحسن مستقرئ ومستنتج جيدا للمستقبل، فمنذ عام تحركت بعض العشائر ورجال الأعمال في الضفة في لقاءات مع الجهات الرسمية الأردنية ومع جلالة الملك، وما زالت الأردن ثقافيا وعمليا هي المؤثر القوي في المناخات كلها في الضفة فضلا على أنها بوابة التنقل والتجارة والاستثمار، والفلسطينيون في الضفة أردنيو الهوى وفي غزة مصريّو الهوى.
ولكن هل من أفق سياسي الآن بناء على ما يطرح وما يتسرب من أطروحات ومشاريع سياسية وأمنية واقتصادية، ونلخص ذلك بما يطرح من كونفدراليات إقليمية، ولسنا هنا بصدد أن نتحدث عن مدى خطورة هذا الطرح على العامل الوطني والقضية الفلسطينية والمشروع الوطني، ولكننا نتحدث الآن عن مجتمع دولي وقوى إقليمية تتحرك، وبالتأكيد أن هذا التحرك يبنى على دراسات دقيقة ديموغرافية وجغرافية وحدود الدولة اليهودية التي يطالب بها نتنياهو.
المصالحة الفلسطينية
أتت على أي أرضية؟ هل أتت على المناخات الديموغرافية لكل من الضفة وغزة وظروف كل منها؟ أم العامل الإنساني في غزة هو من حرك دول الإقليم؟ علما بأن غزة تعاني من الحصار منذ عشر سنوات ولم يرفع الفيتو المتردد للآن من أمريكا وسياسة وموقف (إسرائيل) الملخص بموقف الكابينت ونتنياهو بموقف "اللعم".
بلا شك أن المصالحة والإصرار عليها يقي الفلسطينيين بالحد الأدنى من مخاطر أكثر خطورة على وحدة ما تبقى من أرض الوطن إن كان ذلك سيترجم سياسيا بدولة فريدة من نوعها في أنظمة الدول في كل من الضفة وغزة أمنيا وهو المهم وإن كان استراتيجيا المطروح بوجود منظومة أمنية تتوافق مع الطرح الدولي والإقليمي والملتزم بأمن الدولة اليهودية دولة ذات نفوذ إقليمي ومفتوحة اقتصاديا وتجاريا وصراع إقليمي على غاز غزة. هذا شيء مما هو مطروح.
ولكن عند تساؤلات الأمير حسن والتي تأتي في سياق أن الضفة جزء من الأردن بعد فشل منظمة التحرير في حماية الضفة الغربية، وهل كان فك الارتباط صائبا، فعندما انطلقت منظمة التحرير وفتح والفصائل كانت أهدافها تحرير فلسطين من النهر إلى البحر في عام 1964م وعام 1965م، فالضفة كانت جزءًا لا يتجزأ من الأردن في حدود المواطنة وكانت غزة تحت الوصاية المصرية... فهل كان من الأجدر عدم فك الارتباط بالضفة والمضي في مشروع التحرير وترك الضفة لتحررها الأردن. وبموجب القانون الدولي إن الضفة محتلة وما زالت تقع تحت مسؤوليات الأردن وكذلك غزة؟
هل منظمة التحرير في مشروعها قامت بحماية مشروعها المرحلي الذي انطلق في عام 1974م والذي كان على حساب اطروحاتها في تحرير فلسطين؟ هل قامت منظمة التحرير بحماية مواطنيها من غزو الاحتلال وإنجاح مشروع الدولتين على ارض كانت تحت الوصاية الأردنية والمصرية ..؟؟ وهل اوقفت الزحف الاستيطاني أم فشلت في أطروحاتها وبرامجها ؟؟
هل أصبح أطروحة الوطن الفلسطيني استراتيجيا هي الدولة المكيفة والمعدلة فيما تبقى من الضفة باستثناء المستوطنات الكبرى واريحا والخليل وغزة؟ وهل الأردن قادرة ان تنقذ ما تبقى من أرض الضفة؟ وهل مصر قادرة على فك الحصار عن غزة وربطها بحكومة بيروقراطية بين غزة والضفة؟
وأخيرًا في المصالحة: لماذا لم يقوم الرئيس عباس باطلاع الجانب الأردني على فحوى اتفاق القاهرة وقامت مصر باطلاع الأردن عن هذا الاتفاق!
وماذا عن المشاريع الاستراتيجية المقامة على البحر الأحمر والضفة الغربية لنهر الأردن بين الأردن و(إسرائيل) بما ينفي وجود وطن فلسطيني ذي سيادة؟
أسئلة كثيرة تدور.. ولكن بالتأكيد أن معاودة عرض أطروحات الأمير الحسن بن طلال هذه الأيام في وسائل الإعلام لها مدلولات سياسية والأمنية.