مجددًا، وفي ظل تشديد الحصار على قطاع غزة من جنوبه إلى شماله، تزداد مأساة أهالي جنوب القطاع بسبب نقص الطعام، ومنع إدخال المساعدات الأساسية، ما يشير إلى عودة مظاهر المجاعة التي قد تحصد أرواح مئات الآلاف من الفلسطينيين.
لم ينجح الخمسيني أبو محمد عاشور من الحصول على ربطة صغيرة من الخبز بعد اصطفافه لأكثر من 4 ساعات في طابور طويل أمام مخبز القلعة وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب نفاذ الدقيق لدى المخبز.
يعد عاشور واحد من آلاف تجمعوا أمام المخبز الوحيد الذي يعمل وسط مدينة خان يونس، للحصول على الخبز ولم يحالفهم الحظ في الحصول على الخبز بسبب وجود أزمة دقيق نتيجة إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم التجاري.
وعادت المجاعة بالظهور في جنوب قطاع غزة في ظل نقص حاد للدقيق وعدم توفره في الأسواق، وتوقف وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن توزيعه للنازحين والمواطنين.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، لم تدخل القطاع في سبتمبر/أيلول الماضي سوى 52 شاحنة مساعدات إنسانية في المتوسط يومياً، علما بأن حاجة القطاع اليومية قبل الحرب تزيد على 500 شاحنة محملة ببضائع وسلع متنوعة كانت تدخل عبر كرم أبو سالم.
وتفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بأن كمية الإمدادات التجارية والإنسانية التي دخلت القطاع في سبتمبر/أيلول الماضي كانت الأدنى منذ مارس/آذار 2024 على الأقل، ولاحظت أن هذه الحالة يتوقع أن تشهد قدرا متزايدا من التدهور.
يقول عاشور لـ"فلسطين أون لاين": "من الساعة السابعة صباحًا توقفت في طابور طويل أمام مخبز القلعة الموجود في وسط المدينة وانا موجود بمنطقة المخيم أي بعيد عنه، من أجل الحصول على الخبز لأطفالي".
ويضيف عاشور: "نفذ الدقيق من 5 أيام وهو غير متوفر أيضًا بالأسواق، و(الأونروا) لم تسلمنا أي شيء منذ أكثر من 4 شهور، لذلك لجأت إلى المخبز من أجل الحصول على بعض الخبز وفشلت".
ويوضح أن الأسواق خالية أيضًا من كل المواد الغذائية والمجمدات والفواكه، وبعض أصناف الخضروات الموجودة أسعارها جنونية ولا يستطيع أي أحد شرائها، وكل ذلك انعكس على الحياة وسوء تغذية.
وأمام نفس المخبز، يؤكد الأربعيني خالد جمعة أن الدقيق غير متوفر في الأسواق منذ أيام، وفي حالة توفر يكون غالي الثمن وفاسد لا يصلح للاستخدام.
ويقول جمعة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "يمكن القول بالفعل أن جنوب قطاع غزة يعاني من مجاعة بسبب عدم توفر الدقيق والكثير من المواد الغذائية في الأسواق".
ويوضح أن الكثير من الناس لم يعد لديها دقيق وبدأت تقف أمام الطوابير الطويلة لمخبز القلعة وهو الوحيد الذي يعمل في وسط مدينة خان يونس التي يتواجد بها الآلاف من النازحين.
وفي سوق الظهرة غرب مدينة خان يونس، لم يجد موسى عبدو أي نوع من أصناف الطعام في السوق نتيجة إغلاق معبر كرم أبو سالم من قبل سلطات الاحتلال ومنعها إدخال البضائع للتجار.
يقول موسى (32 عامًا) لـ"فلسطين أون لاين": "منذ أكثر من أسبوعين ونحن نؤكل من المعلبات غير الصحية والآن نفذت أيضا، وأصبحت الخيمة التي نعيش بها بعد قصف منزلنا لا يوجد بها أي شيء من الطعام إلا القليل من الرز والعدس".
ويضيف: "في حالة لم يتم فتح معبر كرم أبو سالم ويتم السماح بإدخال البضائع خلال الساعات القادمة وخاصة الدقيق سنكون أمام مجاعة شديدة وسيموت أطفالي من الجوع، أو سيصابون بالأمراض نتيجة سوء التغذية".
ويوضح أن جنوب قطاع غزة بقي كشماله، حيث المجاعة وعدم توفر الدقيق والطعام للناس، مع جشع التجار وتلاعبهم بالأسعار لتحقيق أرباح خيالية على حساب معاناة المواطنين.