رأى الخبير في الشأن الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد، أن المقاومة الفلسطينية أثبتت بعد مرور أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أنها تمتلك قدرات عالية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن العملية العسكرية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة هي تنفيذ لما يُسمى بـ "خطة الجنرالات".
وتمكّنت المقاومة الفلسطينية أمس من قتل قائد لواء (401) للمدرعات إحسان دقسة في كمين مُحكم في خضم الاجتياح العسكري "الإسرائيلي" المتواصل منذ 16 يوماً، في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
وقال أبو زيد في حديث خاص مع موقع "فلسطين أون لاين"، إن المقاومة أثبتت بعد عام من القتال أنها تستطيع إعادة انتاج نفسها خاصة أنها تقاتل بنظام "العُقد القتالية"، أي أن كل عُقدة قتالية يكون لها قائدها وبُعدها الإعلامي والتخطيطي والتنفيذي، وهذا يعطي مرونة للمقاومة بالتعامل وفق المعطيات الميدانية.
وبيّن أن المقاومة لا تزال صامدة بعد عام ونيف من القتال بالتالي تستطيع التعاطي مع مسرح عمليات قطاع غزة وإعادة انتاج نفسها رغم كل ما تتعرض له من خسائر، لافتاً إلى أن المقاومة تعمد الآن بالذهاب إلى ما يُعرف عسكرياً بـ "الكمائن التكتيكية"، وهي حرب استنزاف مع الاحتلال.
وأوضح أن المقاومة تعمل على انتهاز الفرصة بحيث تستطيع إيلام الاحتلال وايقاع الخسائر في صفوفه، من خلال التأقلم مع مسرح العمليات في قطاع غزة وفقاً لشكل المنطقة وقوات الجيش الاسرائيلي التي تقاتل فيها.
خطة الجنرالات
ومنذ أكثر من 16 يوماً تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية في مناطق شمال قطاع غزة، وخاصة مخيم جباليا حيث تمارس فيها أبشع الجرائم بحق المدنيين وقصف المباني والمستشفيات وغيرها، ما أسفر عن عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وعلّق أبو زيد على العملية العسكرية الإسرائيلية في جباليا بقوله، إنها تندرج في إطار عمليات التهجير القسري، إذ أن الاحتلال ذاهب باتجاه تطبيق ما تُعرف بـ "خطة الجنرالات" باستخدام القوة العسكرية من خلال فرقة المدرعات (162).
وذكر أن خطة الجنرالات أعدها مجموعة من جنرالات جيش الاحتلال المتقاعدين المتطرفين، واصفاً إياها بـ "الدموية" إذ أن الاحتلال نفذ من خلالها عمليات انتهاكات ضد الإنسانية والأطفال والنساء واستهدف مراكز إيواء النازحين وغيرها من المجازر البشعة.
ويعتقد أن الاحتلال اتجه لتنفيذ خطة تهجير سكان شمال قطاع غزة سعياً وراء محاولة تحقيق انجاز يذكر بعد الفشل الذي تعرض له في قطاع غزة بعد عام كامل من القتال دون تحقيق الأهداف التي وضعها المستويين السياسي والعسكري.
ووفق أبو زيد، فإن المقاومة لديها تكتيك منضبط تستطيع من خلال جر الاحتلال لأطول فترة زمنية ممكنة، ما يؤدي لاستنزاف قواته التي تعاني من خسائر كبيرة في القوة البشرية والآليات.
وبيّن أن بعض وحدات الاحتلال والألوية التابعة له تجاوز في خسائرها ما يُعرف عسكريا بـ "النقاط الحرجة" وهي نسبة الـ 35% من الخسائر في الأليات والقوى البشرية، وقال: "هذا ما دفع الاحتلال لسحب بعض القطاعات من قطاع غزة واتخاذ ذريعة أنه سينقل الثقل الاستراتيجي إلى جبهة الشمال في لبنان.
وأشار إلى أن فرقة المدرعات (162) التابعة للاحتلال أصبحت لا تستطيع الاستمرار في ظل حالة الانهاك والارباك التي أصابتها بسبب الخسائر ومدة القتال الطويلة تحت ضغط المقاومة.
ولم يستبعد الخبير العسكري، أن تتصاعد عمليات المقاومة في قطاع غزة التي تستطيع إيقاع خسائر أكبر في صفوف قوات الاحتلال، مما تدفع حكومة الاحتلال الإسرائيلي للجلوس إلى طاولة المفاوضات خاصة أن المقاومة تمتلك ورقة قوية وهي الأسرى "الإسرائيليين" الموجودين في غزة.
جبهة لبنان
وعن العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، رأى أبو زيد أن الاحتلال وقع بنفس الخطأ التكتيكي الذي وقع به في قطاع غزة، وهو الذهاب للقتال بقوات تقليدية أمام قوات غير تقليدية من حزب الله.
وذكر أن الاحتلال وضع سقف أهداف للعملية العسكرية مثلما حدث في غزة، وحدد وقتاً زمنياً للعملية العسكرية بأنها ستكون محدودة ولمدة أسابيع، لكنها اليوم قاربت على الشهر ولم يتم تحقيق أي انجاز يُذكر.
وأكد أن حزب الله لا يزال يتعامل مع الاجتياح البري الإسرائيلي ويوقع الخسائر في صفوف جيش الاحتلال ومنعه من التوغل إلى أي من المناطق التي يريدها، لافتاً إلى أن حزب الله لا يزال يتبع عملية التدرج.
وبيّن أن المقاومة في لبنان بدأت بتكتيك جديد حيث ذهبت باتجاه استهداف قيساريا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي منطقة إقامة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو ما أوجع الاحتلال، معتبراً إياه "اختراقاً لكل منظومات الدفاع الجوي والإنذار المبكر".
وحول التهديدات "الإسرائيلية" بالرد على إيران، قال أبو زيد: "بلا شك سترد (إسرائيل) على إيران، لأنها تريد تحقيق ثلاثة مبادئ رئيسية من هذا الرد وهو الردع والتفوق وكسر ميزان القوى".
وأضاف "يبدو أن (إسرائيل) تقايض وتبتز الجانب الأمريكي والأوروبي على شكل الرد وليس على الرد نفسه".
ووفق الخبير العسكري، فإن كل المؤشرات تدفع باتجاه أن (إسرائيل) وبموافقة ضمنية أمريكية سترد على إيران، لكن شكل الرد سيكون ضمن ضوابط أمريكية، بحيث لا تستهدف المفاعلات النووية الإيرانية، حتى لا تنزلق المنطقة لدائرة صراع أوسع.