لجأ العديد من الخياطين في قطاع غزة إلى إعادة تدوير الملابس القديمة واستخدام مواد متاحة وغير تقليدية، مثل الستائر والبطاطين والعباءات القديمة، لصنع ملابس جديدة لأطفالهم تحميهم من برد الشتاء القارس.
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والتداعيات الإنسانية الناجمة عن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، يواجه الخياطون واقعًا معقدًا أجبرهم على ابتكار حلول غير تقليدية.
ومع استمرار إغلاق المعابر وحظر توريد العديد من السلع الأساسية، بما في ذلك الملابس والأحذية، أصبحت أسعار هذه المنتجات مرتفعة ونادرة في الأسواق، مما دفع الفلسطينيين إلى البحث عن بدائل مبتكرة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
يقول النازح من بيت حانون في شمال قطاع غزة، جمال طولان، لـ"فلسطين أون لاين": إن فكرة التدوير قديمة وحديثة في آنٍ واحد، لكنها ازدهرت خلال الأشهر الأخيرة في ظل استمرار حظر سلطات الاحتلال توريد الملابس إلى غزة.
ويضيف طولان (51 عامًا)، الذي تشارك مع مجموعة من الخياطين لفتح مشغل صغير لحياكة الملابس في خان يونس حيث استقر بهم الحال، أنه مع دخول فصل الخريف واقتراب فصل الشتاء، يأتي العشرات من السكان ويطلبون إعادة تدوير الملابس من أجل أطفالهم.
يوضح أنه يحاول تلبية احتياجات الناس ويصنع لهم بناطيل، بلايز، وجاكيتات من الستائر، البطاطين، والعباءات، مقابل الحصول على أجرة رمزية لا تتجاوز 15 شيكلًا للقطعة الواحدة (حوالي 3.8 دولار).
وتعكس هذه المبادرة قدرة الفلسطينيين على التكيف مع الأزمات المتفاقمة، خاصة في ظل النزوح الكبير الذي يعاني منه أكثر من مليوني فلسطيني فقدوا منازلهم خلال حرب الإبادة الجماعية التي دخلت عامها الثاني، وغادروا دون أن يتمكنوا من أخذ ملابسهم ومستلزماتهم اليومية.
ويرى الخياط محي الدين زقوت (54 عامًا) أن "الحاجة أم الاختراع"، وأن الفلسطينيين لن يفقدوا الوسيلة في مواجهة سياسات الاحتلال القاتلة. يقول زقوت لـ"فلسطين أون لاين" إنه يصنع عشرات القطع، من بينها جاكيتات، بناطيل، وملابس داخلية من الستائر والبطاطين.
وكان زقوت يمتلك مشغل خياطة يعمل فيه حوالي مائة خياط، ويمتلك خط إنتاج لغزة والضفة الغربية المحتلة، لكن عقب اندلاع الحرب، تم قصف المصنع وتدمير محتوياته بالكامل.
ويشير الخياط الفلسطيني إلى أن الملابس التي يعيد تدويرها قد تحمل مخاطر صحية على جلد الإنسان، إذ إن بعض أنواع الأقمشة لا تصلح للاستخدام، ولكن في ظل الاحتياج الكبير أصبحت بديلاً ضروريًا في هذه الظروف الصعبة.
ومع إغلاق معابر غزة مع العالم الخارجي، وتوقف توريد الملابس والسلع، أصبحت هذه الجهود الإبداعية ضرورة ملحة لضمان بقاء الأسر الفلسطينية قادرة على مواجهة الظروف القاسية التي يفرضها الحصار الإسرائيلي المشدد والمستمر.