الرّشقة الأخيرة على (تل أبيب) أظهرتْ فشلًا استخباريًا جديدًا في كشف نوايا المقاومة
لولا الدّعم الأمريكي والغربي لما استطاعت (إسرائيل) الصّمود طوال هذه الفترة
القسّام استطاع تحقيق المباغتة والوصول لأهدف مهمة بـ 7 أكتوبر
الهجوم أعاد القضية للواجهة وكشف الوجه الحقيقي للمنظمات الدولية
رأى الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن حركة حماس لا تسعى لحسم عسكري مع جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة نظرا لوجود اختلال كبير جدا في موازين القوى، لكنها تسعى للحسم السياسي مع (إسرائيل) وهذا لا يأتي إلا عبر تكبيد جيش الاحتلال خسائر كبيرة بحيث لا تستطيع حكومة بنيامين نتنياهو تحمل مثل هذه الخسائر.
ويعتقد الفلاحي في حوار مع موقع "فلسطين أون لاين" أن حرب الاستنزاف قائمة بين الطرفين منذ البداية وتؤدي لاستنزاف الإمكانيات والقدرات الإسرائيلية وتدميرها وهذا ما جرى في المرحلة الأولى والثانية والثالثة من الحرب والمرحلة الرابعة التي بدأت الآن في جباليا ومناطق أخرى من القطاع، لذلك لا تريد (إسرائيل) أن تنجر لها".
وعن الفشل الاستخباري "الإسرائيلي" الذي سبق هجوم المقاومة في 7 أكتوبر/ تشرين 2023، رأى أن هناك أمور كثيرة جهلها جيش الاحتلال عن القدرات العسكرية والاستخباراتية الموجودة لدى حماس.
كما يعتقد أن "خطة مخادعة طبقت منذ فترة طويلة أعطت انطباعًا لدى الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية "الإسرائيلية" بأن غزة لن يكون منها عملًا تعرضيًا وعسكريًا باتجاه مناطق مستوطنات الغلاف، إضافة أنهم اختاروا يوم العطلة (يوم السبت) في عملية التنفيذ، وهناك الكثير من الإجراءات التي تكتمت عليها حماس بشكل كبير جدا".
وأضاف "دائما نرى أن المهاجم يمتاز أنه يختار المفاجأة والمبادأة فتكون في صالحه، فاختيار يوم الهجوم وقوة واتجاه ومكان الهجوم، هي أشياء يتميز فيها المهاجم على المدافع بالتالي إذا ما وظفت المبادئ توظيفا صحيحا فلا شك أنها ستؤدي لتحقيق مباغتة كبيرة جدا تؤدي لمسألة الاندفاع كما جرى في 7 أكتوبر خصوصا أن الهجوم كان بريا وجويا وبحريا".
وتابع "هذا يعني أنه أخذ في الاعتبار أن الهجوم يجب أن يشن من جميع الاتجاهات التي يمكن أن يصل إليها مقاومو حماس بالتالي أصبح هناك فوضى وارتباكا كبيرا لقوات الاحتلال في عملية المواجهة والصد الأمر الذي جعل المنطقة تتداعى بشكل كبير جدا أمام المجاهدين الذين انطلقوا باتجاه الأراضي المحتلة".
ويؤكد الفلاحي أن "خطة المخادعة التي سبقت عملية الهجوم كانت مهمة"، لافتًا، إلى فشل قوات الاحتلال في الوصول لمعلومات استخباراتية يمكن أن تؤدي لكشف الهجوم عدا بعض المؤشرات البسيطة التي لم يعتمد عليها جيش الاحتلال يضاف إلى هذا القوة والقدرة القتالية الكبيرة جدا في مسألة الاندفاع ومعرفة أماكن المراقبة واستهدافها مباشرة.
وأضاف "الأمر الآخر يبدو أن فصائل المقاومة وحماس تدربت على التهيئة لهذا الهجوم منذ فترة طويلة، بحيث أصبح هذا العمل جزء من روتين تقوم به حماس وعندما وصلوا ليوم التنفيذ كأنما هو تدريب، بعد ذلك صدرت الأوامر بعملية التنفيذ"، مشددا أن مسألة التكتم على تاريخ العملية كان له دور كبير جدا في تداعي قوات الاحتلال أمام الهجمة.
عن صدمة جيش الاحتلال بالهجوم، رأى أن "الصدمة كانت كبيرة جدا"، لأن جيش الاحتلال لم يتوقع أن تمتلك حماس من الإمكانيات والقدرات ما يمكنها من القيام بهذه العمل الكبير.
ويعتقد أنه لو كانت هناك قوات كبيرة جدا لأمكن من الاندفاع لأماكن أبعد بشكل كبير، لكن الخطة كانت لغرض استهداف جنود وأسرهم ثم التفاوض عليهم، ويبدو أن تداعي الموضع بهذه الطريقة جعل الفصائل تندفع بهذه الطريقة وأن تقوم بإسقاط المنطقة لمدة 48 ساعة حتى استطاع جيش الاحتلال استعادة عملية التوازن ثم الدخول في عمليات الصد.
مفاهيم عسكرية تغيرت
وبشأن المفاهيم العسكرية التي غيرها الهجوم، قال: "لا يمكن المقارنة بين الإمكانيات البسيطة لحماس والقدرات الكبيرة لجيش الاحتلال، مع ذلك نجحت القسام بالقيام بهذا الهجوم الكبير، الذي جاء من الجو والبحر والبر في عملية استباقية كبيرة استطاع تحقيق المباغتة والدخول بسرعة كبيرة جدا والوصول لأهداف مهمة وحيوية بالداخل الإسرائيلي بحيث غيرت المعركة المفاهيم التي تعتمد عليها الجيوش بمسألة المواجهة بأن تمتلك من الإمكانيات والقدرات ما يمكنك من خوض الحرب.".
ورأى أن حسابات المقاومة في عملية الهجوم كانت كبيرة جدًا، يضاف إلى ذلك بأنه ما قامت به حماس استندت به لمعلومات استخباراتية دقيقة وخطة مفصلة وعملية تم تنفيذها في سابق الأيام من خلال عمليات تدريبات خاصة.
ويعتقد الفلاحي أن الهجوم غيّر الكثير من المفاهيم العسكرية خاصة المفاهيم الاستخباراتية بالإضافة للقدرة على المواجهة عندما يكون هناك قدرة قتالية لتنفيذ مثل هذه العمليات.
ورد على سؤال "كيف أعادت المعركة الروح للقضية الفلسطينية في وقت كان يحاول الاحتلال الاندماج بالمنطقة على حساب القضية؟" مؤكدا، أن "هجوم 7 أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية للواجهة مرة أخرى بعد أن شهدت الفترة الماضية الكثير من عمليات التطبيع التي جرت بين الدول بالمنطقة وكأن القضية الفلسطينية وصلت لحد الاندثار.
كما أن تداعيات الحرب خلال سنة كاملة، وفق الفلاحي، كشف الوجه الحقيقي للاحتلال المجرم الذي قام بتدمير مدينة غزة وقتل أبرياء من الأطفال والنساء ودمر بنى تحتية وقطع المياه والكهرباء والدواء ونظمت الكثير من المظاهرات الشعبية الأوروبية وفي أمريكا التي تندد بهذا الإجرام، يضاف إلى ذلك كشفت زيف العالم الغربي الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان وما إلى ذلك.
ويؤكد أن المعركة غيرت الكثير من المفاهيم وأعطت الوجه الحقيقي للمنظمات الدولية التي فشلت في إيقاف المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الذي يعمل خارج المنظومة الدولية وقوانين حقوق الإنسان.
وعن وضع الاحتلال بعد عام من الحرب، أشار الفلاحي إلى أن الوضع الاقتصادي سيء جدا فتعاني من عزلة كبيرة جدا بسبب الجرائم التي ارتكبتها، فضلا عن وضع الجيش على قائمة المنظمات السوداء، و في محكمة لاهاي هناك دعوى أقامتها جنوب أفريقيا على ارتكاب حرب إبادة جماعية في قطاع غزة.
ولفت إلى أن هناك الكثير من دول العالم اعترفت بفلسطين كدولة مستقلة بالإضافة أن (إسرائيل) أصبحت غير مسموعة بالمنظمات الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبتها، بالتالي الآن هي مستنزفة كثيرا بشكل كبير و هناك نقص في القوة القتالية ونقص في الذخائر.
ويعتقد أنه لولا الدعم الأمريكي والغربي الذي تقدمه بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا لما استطاعت (إسرائيل) أن تصمد طوال هذه الفترة، وهو ما يجعل "الوضع الاستراتيجي لدولة (إسرائيل) سيء جدًا".
رسائل متعددة
وعن قصف المقاومة لـ (تل أبيب) في ذكرى مرور عام على 7 أكتوبر، رأى أن ذلك يحمل رسائل متعددة بأن العمليات العسكرية طوال سنة كاملة لن تستطيع وقف إطلاق هذه الصواريخ، الأمر الآخر يدلل على قدرة المقاومة على المطاولة وأن إمكانياتها الصاروخية لا زالت موجودة لكنها قللت من استخدام الصواريخ خلال الفترة الماضية لأسباب تتعلق بإطالة أمد المعركة القادمة التي يمكن أن تستمر لفترة أخرى.
الأمر الآخر، وفق الفلاحي، تعطي إشارة واضحة على فشل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي في كشف نوايا المقاومة وإمكانيتها على إطلاق مثل هذه الصواريخ، وهناك فشل آخر بالقبة الحدودية ومنظومات الدفاع الجوي ومقلاع داود ومنظومات "حيتس 2 و3" في مسألة المواجهة خصوصا أن (إسرائيل تقول) إنها كانت تتوقع أن يكون هناك إطلاق صواريخ ومع ذلك فشلت في التصدي لهذه الصواريخ.
وأكد الفلاحي أن الرشقة الصاروخية حملت دلائل كثيرة خاصة أنها انطلقت من مدينة خان يونس التي استمر فيها اجتياح الاحتلال لأربعة أشهر وكانت العملية العسكرية ببعدين تحت الأرض وفوقها، ومع ذلك لم تستطع ان تصل لإمكانيات وقدرات المقاومة الأمر الذي مكن فصائل المقاومة من المطاولة والصمود أمام كل هذه الضربات.
وعدّ صمود المقاومة أمام أعتى قوة بالمنطقة بدعم كامل من أمريكا هي إمكانية كبيرة جدا تثبتها المقاومة في عملية المواجهة والاستمرار فيها.