خفضّت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الجمعة 27 سبتمبر، التصنيف الائتماني لـدولة الاحتلال الإسرائيلي للمرة الثانية هذا العام إلى "بي إيه إيه-1" فيما أبقت على توقعاتها للتصنيف عند "سلبي"، مع استمرار الحرب في قطاع غزة، وتفاقم الصراع مع حزب الله اللبناني.
وأكدت الوكالة أن المحرك الرئيسي وراء خفض التصنيف هو "اعتقادنا أن المخاطر الجيوسياسية تفاقمت بشكل كبير إلى مستويات مرتفعة للغاية، مما ينذر بعواقب مادية سلبية على الجدارة الائتمانية لـ(إسرائيل) على المدى القريب والبعيد".
وعلى نفس الخطى كانت وكالة فيتش خفضت التصنيف الائتماني لـ(إسرائيل) الشهر الماضي، وأبقت على توقعات التصنيف "سلبية".
الاقتصاد الإسرائيلي
ومن شأن الخفض الأخير في تصنيف (إسرائيل) الائتماني (إضافة إلى التخفيضات السابقة) التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي بعدة طرق؛ فالتصنيف الائتماني لدولة ما، أو التصنيف الائتماني السيادي، هو درجة تُمنح لبلد ما بناء على كيفية إدراك وكالة التصنيف قدرته على سداد ديونه.
ويتساءل كثيرون عن آثار هذه القرارات على دولة الاحتلال واقتصادها القوي.
بحسب خبراء يعني ذلك قيام وكالة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني لـ(إسرائيل) للمرة الثانية في العام الجاري زيادة الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي، ورفع تكلفة الاقتراض، وقد يسهم في تراجع الاستثمارات الخارجية مع تأكيد الوكالة ارتفاع درجة المخاطر التي تواجه الاقتصاد الإسرائيلي.
ومؤخرا قالت منصة كالكاليست الإسرائيلية المختصة بالاقتصاد إن ثمة توقعات تشير إلى أن وكالة "موديز" تستعد لخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل مرة أخرى، ما قد يدفع الاقتصاد الإسرائيلي إلى "حالة من عدم اليقين المالي بشكل أعمق".
الديون الإسرائيلية
ومن المرجح وفقا لهذا القرار أن يعيد المستثمرون تقييم جودة الديون الإسرائيلية بحذر أكبر وفق ما قالته المنصة، ما قد يؤدي إلى تقليل انكشافهم وتقليل المخاطر.
وتشير كالكاليست إلى أن هذا السيناريو سيجبر الحكومة على جمع مبالغ غير مسبوقة، ما سيزيد من تفاقم الوضع المالي الهش بالفعل.
وبحسب خبراء في الاقتصاد، قد يكون لهذا التخفيض آثار خطيرة على الوضع المالي لـ(إسرائيل)، ففي حين أن تصنيف "بي إيه إيه1" (Baa1) لا يزال يُعتبر درجة استثمارية، فإنه يُنظر إليه على أنه أكثر خطورة بشكل ملحوظ، وقد تتجنب بعض المؤسسات الاستثمارية الاستثمار في السندات بهذه الفئة.
وذكر موقع (ميدل إيست مونيتور) إلى أن تخفيض التصنيف الائتماني لـ(إسرائيل) قد يكون له نتائج سلبية على قطاع التكنولوجيا في (إسرائيل)، أحد أهم القطاعات التي قادت النمو في الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات الماضية.
ويؤكد ذلك ما قامت به شركة إنتل الأمريكية العملاقة حينما ألغت خططا لتنفيذ توسعة في مصنعها للشرائح الإلكترونية في (إسرائيل)، والتي أعلن عنها رسميا في ديسمبر/كانون الأول 2023، باستثمارات بقيمة 25 مليار دولار في شهر يونيو/حزيران الماضي.
وفي وقت تتصاعد فيه النفقات العامة في دولة الاحتلال نتيجة العدوان المتواصل على قطاع غزة والاشتباكات مع حزب الله في لبنان، ما أسفر عن ارتفاع العجز في الموازنة العامة الإسرائيلية.
وبحسب صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) أن العجز في الموازنة العامة الإسرائيلية ارتفع إلى نسبة 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي في أغسطس/آب الماضي خلال الاثني عشر شهرا الماضية، وهو أعلى ما كانت تهدف إليه حكومة نتنياهو إلى نسبة العجز بحدود 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، فيما كانت نسبة العجز 4.2% عام 2023.
وبالنسبة للمستثمرين يشير تراجع التصنيف إلى أن الاستثمار في السندات الإسرائيلية أكثر خطورة، مما يعني أن (إسرائيل) قد تحتاج تقديم فائدة أعلى لتعويض المستثمرين عن المخاطر، وهذا قد يجعل ديون الكيان أكثر كلفة لأنها ستحتاج إلى دفع المزيد مقابل الأموال التي تقترضها.
ومن المحتمل أن يؤثر التصنيف، كذلك، على قرار (بنك إسرائيل) بشأن تغيير سعر الفائدة؛ فأحد أدوار البنك المركزي الإسرائيلي هو الحفاظ على الاستقرار في الأسواق المالية.
وفي أعقاب التخفيض الائتماني الأول في يناير/ كانون الثاني، أشارت صحف مختصة إلى أن الأضرار الفعلية لا تكمن في انتظار خفض التصنيف الائتماني الرسمي، إذ بدأت التداعيات محسوسة بالفعل في شكل زيادة معدلات الفائدة وما يترتب على ذلك من ضغوط على جيوب المستوطنين، ومن ثم، فإن أهمية الحدث لا تنحسر فقط في آثاره المالية المباشرة، بل أيضا في زيادة الوعي والفهم لعواقبه البعيدة المدى.