فلسطين أون لاين

​"اللجنة الإدارية" المُنحلة كانت ذريعة السلطة

رفع العقوبات عن غزة.. اسم في الأخبار فقط!!

...
المصالحة الفلسطينية لم تسفر عن رفع العقوبات حتى الآن (أ ف ب)
غزة - نبيل سنونو

كانت لحظة تصفيق الفلسطينيين لاتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، الخميس الماضي، هي ذاتها التي يريدون فيها رؤية الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة تجاه قطاع غزة، قد زالت مرة وإلى الأبد.

عندما صادق المجلس التشريعي على اللجنة الإدارية الحكومية في غزة، في مارس/ آذار الماضي، "لسد الفراغ" الناجم عن عدم قيام الحكومة بمهامها تجاه القطاع، اتخذ رئيس السلطة محمود عباس هذه اللجنة ذريعة لفرض سلسلة من الإجراءات التي طالت مناحي الحياة الأساسية.

ولما بادرت حماس في 17 من الشهر الماضي بحل اللجنة الإدارية الحكومية بغزة، لم تقابل السلطة ذلك برفع إجراءاتها العقابية.

ولا تزال هذه الإجراءات تتجسد في كل بيت في غزة، ليس أقلها الظلام الذي يعيشه الغزيين نتيجة عدم وصول إمدادات الوقود لتشغيل محطة التوليد بصورة دائمة.

وتصر الحكومة على فرض كامل ضريبة "البلو" على الوقود ما يرفع سعره (2.2 شيكل) لقرابة ثلاثة أضعاف السعر الفعلي (5.5) للتر الواحد.

ولم يكن السبب الوحيد للأزمة، إذ إن منسق أعمال حكومة الاحتلال يؤاف مردخاي، صرح في مايو/ أيار الماضي بأن سلطات الاحتلال ستقلص إمدادات الكهرباء لقطاع غزة.

وقال مردخاي، في تصريحات متلفزة آنذاك، إن تخفيضا للكهرباء سيطرأ في غزة، بإيعاز رسمي من السلطة في رام الله ذكرت فيه أنها لن تدفع سوى ما يتراوح بين 25 و30 مليون شيقل فقط من إجمالي ثمن الكهرباء التي تبلغ 40 مليون شيقل.

ويعتمد القطاع للحصول على الكهرباء على ثلاثة مصادر أساسية منها محطة توليد الكهرباء التي يمكن أن توفر في أقصى طاقة إنتاجها 70 ميغاواط، أما المصدران الآخران فهما خطوط الكهرباء الإسرائيلية بواقع 120 ميغا تقلصت إلى 70، والخطوط المصرية التي كانت توفر عند عملها، طاقة تصل إلى 23 ميجاواط.

وتتراوح احتياجات القطاع من الكهرباء في الأيام العادية ما بين 450 و500 ميغاواط، وتزداد هذه الاحتياجات في ذروة فصلي الشتاء والصيف لتصل إلى (600) ميغاواط.

ومع توالي العقوبات طفت على السطح أزمات جديدة نال قطاع الصحة نصيباً منها، تمثلت نتائج تلك الإجراءات بإعلان وزارة الصحة في غزة في 28 أغسطس/آب الماضي عن وفاة 28 مريضا، جراء وقف السلطة في رام الله توريد الأدوية وتقييد تحويلاتهم الطبية وخروجهم للعلاج بالخارج، كما حذرت من تدهور خطير ومتسارع على صحة المرضى لذات السبب.

كما واجهت السلطة اتهامات بـ"التمييز الوظيفي العنصري" عندما بدأت في استقطاع نسب كبيرة تتراوح بين 30% و 70% من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة، منذ مارس/آذار الماضي، بادعاء مرورها بأزمة مالية، في مخالفة صريحة لقانون الخدمة المدنية.

وفضلا عن ذلك، قال رئيس هيئة التقاعد التابعة للسلطة في رام الله، ماجد الحلو، في أغسطس/آب الماضي: "إن القرار بقانون الخاص بالتقاعد المبكر، طبق هذا الشهر على سبعة آلاف موظف مدني" في القطاع.

أسئلة مطروحة

لكن الموظفون لم يكونوا وحدهم من وقعت بحقهم هذه الإجراءات، فبحسب الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار، إذ تم إغلاق حسابات جمعيات خيرية وحرمان الآلاف من الأيتام من حقوقهم وكفالاتهم الشهرية، عدا عن قطع رواتب أسرى محررين، تبعا لإجراءات عباس.

وأكدت بلدية غزة في أبريل/نيسان الماضي، أن سلطة المياه التابعة للسلطة في رام الله طالبت البلدية بثمن المياه المزودة لمدينة غزة من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" والتي تشكل قرابة 20% من احتياجات المواطنين في المدينة.

وكان مصدر فلسطيني مطلع، كشف لصحيفة "فلسطين"، أن وفد حركة فتح طرح الإجراءات العقابية التي عباس تجاه القطاع، للتفاوض على جدول أعمال مباحثات المصالحة الفلسطينية الأخيرة في القاهرة، لكنه أضاف أن حماس رفضت "مطلقا وبقوة" وضع هذه الإجراءات العقابية على جدول الأعمال، لأن القضية غير خاضعة للتفاوض أصلا، ولأن مزاعم رئيس السلطة وذرائعه لاتخاذ هذه الإجراءات كانت تتمثل باللجنة الإدارية، التي بادرت حماس إلى حلها قبل نحو شهر.

وتوصلت حماس وفتح إلى اتفاق للمصالحة الخميس الماضي، يشمل بنودا تتعلق بتولي الحكومة مسؤولياتها في القطاع، لكن لم يشهد الغزيون بعد إنهاء لإجراءات السلطة الأخيرة التي طالت حياتهم اليومية.

ويشار إلى أن عباس هدد في المؤتمر الثاني لسفراء السلطة لدى الدول العربية والإسلامية، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، في أبريل/نيسان الماضي، بـ"خطوات غير مسبوقة" تجاه قطاع غزة، بذريعة "إنهاء الانقسام".

وعلى هذا الحال، لا تزال الأسئلة الشعبية مطروحة في كل شارع وزقاق بغزة: لماذا لم تتخذ السلطة قرارا بإنهاء هذه الإجراءات؟ ومتى ستقوم بذلك؟