في ظل التحديات الاقتصادية الشديدة التي يواجهها قطاع غزة نتيجة الحرب المستمرة، بات استخدام المدفوعات الإلكترونية خيارًا أساسيًا للمواطنين والبائعين لشراء احتياجاتهم، نظراً لإغلاق البنوك، نقص السيولة النقدية، وتلف العملات المتداولة.
يقول سعيد أبو هميسة، أحد بائعي المواد الغذائية، إنه مع استمرار الحرب وإغلاق البنوك، أصبح التعامل بالنقود الصعبة جداً، حيث يواجهون صعوبات كبيرة في توفير الفكة للعملاء بسبب ندرة النقود وتلف العملات المتوفرة.
وأضاف أبو هميسة لموقع "فلسطين أون لاين": "لذلك، انتقلنا إلى المدفوعات الإلكترونية كحل بديل، وقد أثبتت هذه الطريقة أنها أكثر أماناً وفعالية في هذه الظروف."
وأكد خليل أبو سمرة، بائع اللحوم المجمدة، أن التحول إلى المدفوعات الإلكترونية كان تحدياً بعض الشيء، لكنه يرى الآن أنه ضرورة حتمية.
ولفت أبو سمرة إلى "فلسطين أون لاين"، أن استخدام الدفع الإلكتروني يقلل من مشقة التعامل بالنقود التالفة أو غير المتوفرة.
من جهته، أوضح المشتري هاني عبد الهادي أنه يتفق مع بعض المتاجر التي تدعم استقبال المدفوعات الإلكترونية لشراء مستلزماته، حيث يقوم إما بتحويل الأموال من حسابه الشخصي إلى حساب المتجر أو أن تُسحب الأموال مباشرةً من خلال بطاقة الصراف البنكي.
وأشار عبد الهادي لـ "فلسطين أون لاين" إلى أنه كان يضطر سابقاً إلى سحب رواتبه نقداً من الوسطاء بنسبة تتجاوز 15%، مما تسبب له في أزمة مالية.
أما المشتري نافذ أبو رمضان، فقد لفت إلى أن بعض البائعين عند ملاحظة رغبتهم في الشراء عبر التطبيقات الإلكترونية، يرفعون الأسعار أكثر مما هو موجود في الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن هذه محاولة جديدة لتجاوز حقوقهم، خاصةً وأن الأسعار الحالية مرتفعة جداً ولا تتناسب مع الدخلات.
في 8 مايو/أيار الجاري، أعلنت سلطة النقد الفلسطينية عن إطلاق نظام المدفوعات والحوالات الفوري بين البنوك وشركات خدمات الدفع (أي براق) لمساعدة المواطنين في قطاع غزة على تسديد التزاماتهم وإجراء معاملاتهم المالية بوسائل إلكترونية. ويأتي هذا الإعلان في ظل خروج معظم فروع البنوك والصرافات الآلية في القطاع عن الخدمة، والنقص الحاد في السيولة النقدية.
وسيكون تنفيذ الحوالات الفورية مجانياً لكلا الطرفين، بحيث لا يتحمل المرسل والمستفيد أية تكلفة. ولنجاح العملية، يجب أن يمتلك الطرفان (البائع والمشتري، أو المرسل والمستقبل) حسابات مصرفية أو على الأقل حسابات في المحافظ المعتمدة من قبل سلطة النقد. كما يجب أن يمتلك المرسل أموالاً سواء في حسابه المصرفي أو في محفظته الإلكترونية، بالإضافة إلى هاتف خلوي، ويفضل أن يكون هاتفاً ذكياً قادراً على تنزيل التطبيقات وتفعيل خدمة الواي فاي نظراً لعدم توفر خدمة 3G في القطاع
وهنا يجدر الإشارة إلى أن في ظل استمرار الحرب وتأزم الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، أصبح اللجوء إلى المدفوعات الإلكترونية ليس مجرد خيار، بل ضرورة فرضتها الظروف القاسية.
وبينما يسعى المواطنون والبائعون للتأقلم مع هذا الواقع الجديد، يبقى التحدي الأكبر في ضمان عدالة الأسعار وتوفير الخدمات الإلكترونية بشكل موثوق ومستدام، مما يتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمؤسسات المالية لتخفيف وطأة الأزمة وتلبية احتياجات السكان المتزايدة.