أظهر تحقيق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن قاطني مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، رغم واقعهم القاتم، إلا أنهم ينظرون إلى حركة المقاومة الإسلاميَّة حماس على أنها "الأمل ورمز المقاومة".
ويقول التحقيق إن مخيم عين الحلوة، وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعادة ما ينظر سكانه إلى مستقبلهم بنظرة قاتمة. ولكن الآن، وبعد السابع من أكتوبر، أصبح المزاج السائد في المخيم هو التفاؤل والبهجة، بحسب التحقيق.
ويقول التحقيق إنه في زيارة نادرة إلى عين الحلوة، رأى صحفيون من نيويورك تايمز ملصقات تحمل صورة المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في كل مكان، وكانت عيناه تطلان من وشاح باللونين الأحمر والأبيض، تلثم به وهو يناشد السكان "القتال في سبيل الله".
وقال أيمن شناعة، رئيس حماس في هذه المنطقة من لبنان، في مقابلة: "صحيح أن أسلحتنا لا تضاهي أسلحة عدونا. لكن شعبنا صامد ويدعم المقاومة. وينضم إلينا".
وينقل التحقيق عن مسؤولين في حماس ولبنان، أن التجنيد للحركة الفلسطينية وجناحها المسلح، كتائب القسام، في تزايد مستمر في مختلف تجمعات اللاجئين الفلسطينيين الاثني عشر في لبنان. ويقولون إن مئات المجندين الجدد انضموا إلى صفوف المسلحين في الأشهر الأخيرة، مسرورين بالحرب المستمرة التي تخوضها حماس مع إسرائيل.
وقال شباب يتجمعون في أحد شوارع عين الحلوة للصحيفة، إن هذه هي المرة الأولى التي يشعرون فيها بالأمل، وكل منهم يعرف العشرات من أفراد الأسرة أو الأصدقاء الذين انضموا إلى حماس منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول.
ويلمس التحقيق تفاؤل الشباب بأن حماس قد تحقق للفلسطينيين القدرة على العودة إلى مدنهم وقراهم الأصلية. وتقول الصحيفة هذه العودة، على الرغم من أنها تبدو غير محتملة، إلا أنها أمل وإيمان اللاجئين الفلسطينيين.
واستقر مئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة وغزة ولبنان والأردن وسوريا. وعلى مدى عقود، أصبحت المخيمات مدناً وأضحت الآن موطناً لملايين الفلسطينيين.
وقال شناعة للصحيفة الأمريكية إن الرجال هنا على استعداد للتضحية بحياتهم لمحاربة "إسرائيل"، لكنه رفض أن يذكر عدد المُجندين الجدد من منطقة صيدا.
ويختتم التحقيق بتوضيح أن صورة أبو عبيدة تنتشر في كل مكان تقريباً داخل مخيم عين الحلوة، وتزين الأوشحة وسلاسل المفاتيح، مضيفاً بأنه العديد من الناس ينظرون إلى أبو عبيدة، المتحدث باسم القسام، على أنه نظير تشي غيفارا، الثوري الماركسي الذي مات في الستينيات.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا من مخيم برج البراجنة في بيروت، قالت فيه إن تأثير حماس يتزايد بين فلسطينيي لبنان، وأن رموز كتائب القسام أصبحت "ثقافة شعبية" تحيط بجدران المخيم وأبوابه.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن المثلث الأحمر المقلوب موجود في كل مكان، ومرسوم على الجدران وعلى أبواب المتاجر، وهو موضوع دائم يرشد الزوار خلال الأزقة الضيقة التي تقسم مخيم برج البراجنة في بيروت.
ويظهر المثلث بشكل دائم في الفيديوهات التي تنشرها حماس، حيث يقوم مقاتلوها بمهاجمة الدبابات إسرائيلية في غزة. وتقول الكاتبة إن الانتشار الجديد للشعار في المخيم يشير إلى التحول في مواقف الرأي العام من الكفاح المسلح.
وتقول نهاية أيهم إبراهيم (25 عامًا) الرسامة التي تزين لوحاتُها جدران المخيم: “نشعر بالفخر، وصرنا أكثر وعيًا بالقضية”. وتُظهر إحدى اللوحات الجدارية التي رسمتها، مظليين، في إشارة إلى الطائرات الشراعية التي استخدمها مقاتلو كتائب القسام وهم يهبطون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لتنفيذ هجوم 7 أكتوبر.
وفي لوحة أخرى، رسمت المتحدث باسم الجناح العسكري لحماس، أبو عبيدة المتلثم بالكوفية الفلسطينية. وقالت إبراهيم: “نحن معهم، رغم ما حدث في غزة ورغم الضحايا”.
وحتى وقت قريب، كانت جدران البنايات المتداعية تحمل شعارات جدارية باهتة، كدليل على قضية أصبحت من الماضي. إلا أن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على "إسرائيل" وما أعقبه من حرب على غزة، أحيا الآمال بدولة فلسطينية وحلم العودة إلى الأرض التي كانت تعيش فقط في الذكريات البعيدة للجيل القديم.
وتقول إبراهيم: “كان الجيل القديم هو من يتحدث عن فلسطين”. وإبراهيم التي ولدت في المخيم هي جزء من جيل ترك السياسة للتركيز على توفير متطلبات الحياة. لكن جيلها يشعر بالتحفيز بطريقة لم تظهر عليه من قبل. وتقول: “لديك أولاد ما بين العاشرة والخامسة عشرة من العمر يتحدثون عما يجري في فلسطين”. بحسب صحيفة "الغارديان".
وأصبحت الحرب الشغل الشاغل لسكان المخيم، ففي زيارة قريبة له، شاهدت الصحافية الأطفال وهم يلعبون ألعاب الحرب مسلحين ببنادق بلاستيكية، حيث كان يركضون في الشوارع المكتظة بالسكان ويختبئون خلف الزوايا المرسوم عليها المثلث الأحمر.
وتقول الصحيفة، "لا يتم النظر إلى هجوم 7 أكتوبر على أنه عمل إرهابي، بل عمل مُلهم لكسر قيود السجن. وأصبح المثلث الأحمر والطائرات الشراعية وصورة أبو عبيدة جزءا من الثقافة الشعبية التي تزين الصناديق والقمصان وأكواب القهوة، وتجاوز الاهتمام بها المجتمعات الفلسطينية".