فلسطين أون لاين

بين القدس وغزَّة.. قصَّة 5 رضَّع حرمتهم الحرب دفء أحضان أمَّهاتهم

...
بين القدس وغزَّة.. قصَّة 5 رضَّع حرمتهم الحرب دفء أحضان أمَّهاتهم
وكالات/ فلسطين أون لاين

فرقت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 11 شهرا، بين 5 أطفال رضع وأحضان أمهاتهم اللواتي اضطررن، قبل اندلاعها، للموافقة على الانفصال عنهم كي يُتاح لهم تلقي العلاج في مستشفى "المقاصد" بالقدس.

هؤلاء الأطفال، ولدوا في ظروف صحية معقدة استدعت وجودهم في مستشفى المقاصد، في ظل نقص العلاج المقدم بغزة آنذاك جراء استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المستلزمات والأجهزة الطبية.

ويقترب أعمار هؤلاء وهم "3 توائم وطفل وطفلة" من العام بعد أن غادروا القطاع قبل فترة وجيزة من اندلاع الحرب.

ومنذ ذلك الحين لم تتمكن والداتهم من احتضانهم ولو لمرة واحدة، ويرينهم فقط عبر شاشة الهاتف المحمول خلال اتصال فيديو عبر شبكة "الانترنت"، والذي يعد وسيلة التواصل الوحيدة التي تقرب المسافات بينهم.

وخلال سنوات الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ 2006، اعتمد الكثير من مرضى القطاع على تصاريح إسرائيلية للسماح بالانتقال إلى مستشفيات بالقدس والضفة الغربية و"إسرائيل"، لاستكمال علاجهم غير المتوفر بالقطاع، حيث كانت تل أبيب تمنع منح هذه التصاريح لذوي المرضى ومرافقيهم تحت سن 50 عامًا، بينما عرقلت منحها لآلاف المرضى ومرافقيهم بدعوى "منع أمني".

وفي مستشفى المقاصد، تحاول ممرضات وعاملات اجتماعيات، القيام بمهمة الأم البديلة للأطفال الخمسة، ولكنها "مهمة مستحيلة" وفق وصفهن.

ويأمل الأطباء في مستشفى المقاصد "لم شمل الأطفال مع أمهاتهم"، لافتين إلى صعوبة ذلك في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية.

*تأجيل المغادرة

قال حاتم خماش، رئيس قسم الأطفال الخدج في مستشفى المقاصد، للأناضول: "لقد ولدوا (هؤلاء الأطفال) قبل الأوان ومن بينهم ثلاثة توائم، مكثوا في المستشفى للحصول على الرعاية الطبية، وكانوا على استعداد للمغادرة قبل الحرب مباشرة".

وتابع: "بسبب اندلاع الحرب تم تأجيل مغادرتهم، مكثوا معنا طوال الفترة الماضية، لذلك نحن نعتني بهم".

وأوضح أن بعض الأطفال كان لديهم "مشاكل طبية تم حلها بمرور الوقت، بينما استمر الآخرون في النمو"، لافتا إلى أن الأطفال يتلقون "رعاية منتظمة بالتطعيم والتغذية والعلاج".

**تواصل عبر "الإنترنت"

قال خماش إن وسيلة الاتصال الوحيدة بين الأطفال وأمهاتهم منذ بداية الحرب هو "شبكة الإنترنت".

وتابع عن ذلك: "يعتمد الأمر على تغطية الإنترنت بغزة، ولكن الأمهات في حالة تنقل بسبب ظروف الحرب مرة في غزة ومرة في رفح وأخرى في منطقة المواصي ومرة ​​في خان يونس، لذا فهم يستمرون في التحرك وفقا للوضع الأمني، ومسألة السلامة".

وأشار إلى أن التنقل المتواصل ومكان تواجد الأمهات يؤثر على توفر شبكة الإنترنت وبالتالي على فرص التواصل مع أطفالهن.

ولفت خماش إلى أن الهدف هو "لم شمل الأطفال مع ذويهم خاصة أمهاتهم"، مضيفا إن "عددا من المسؤولين الدوليين أجروا زيارة وتعهدوا بتقديم المساعدة.. لكن لم يتم فعل شيء".

وحذر من استمرار حالة البعد بين الأطفال وأمهاتهم، قائلا إن ذلك "ليس تطورا صحيا طبيعيا لهم فإذا تم فصلهم عن الأمهات سوف يتطورون كيتامى".

**الأم البديلة

بدورها، قالت نبيلة قاسم، عاملة الخدمة الاجتماعية في المستشفى: "لست الوحيدة التي تعتني بهؤلاء الأطفال، فنحن فريق كامل، فريق يعتني بحديثي الولادة، وكل الممرضات يعتنين بهؤلاء الأطفال بشكل جيد للغاية، نعاملهم كما لو كانوا أطفالنا".

وأضافت: "بصفتنا قسما للعمل الاجتماعي، نحن مهتمون حقا بالتطور النفسي للأطفال، لذا نحاول سد هذه الفجوة قدر الإمكان من خلال استخدام الأم البديلة".

واستكملت قائلة: "الأم (البديلة) التي يمكنها توفير العناية من خلال الاتصال المباشر، مثلا حملهم والتحدث إليهم والتواصل البصري معهم واللعب والانتباه إلى حركتهم الجسدية (...) حتى نتمكن من الاستمرار في مراقبة نموهم".

وأوضحت أن التواصل مع أمهات الأطفال بغزة مستمر، مضيفة: "لكن كما تعلمون، نحن نواجه بعض الصعوبات في ذلك بسبب انقطاع الاتصالات بغزة".

وزادت: "كلما استطاعت الأم الاتصال بنا أو التواصل، نجري مكالمة فيديو بين الأطفال وأمهاتهم، الأم يجب أن تراهم وتتحدث معهم ويجب أن يروها ويسمعوها وهي تنادي عليهم مثلا (ماما.. هذه أنا)".

وأكدت على أهمية أن "يرى الأطفال وجوه أمهاتهم ويتعرفوا على أصواتهن"، لافتة إلى أن المستشفى "يحاول جعل هذا التواصل ممكنا بينهم".

واستدركت قائلة: "الاتصال في مثل هذه الظروف بين الأم والأطفال ليس طبيعيا بالطبع وليس سهلاً، لكننا نحاول".

*دعم نفسي للأمهات

أما عن الامهات، فتقول قاسم إنها أيضا تحاول تقديم الدعم النفسي لهن خلال الاتصالات.

وتضيف عن ذلك: "نحن نحاول، تحدثنا معهن مرات عديدة ونفهم وجود القلق والتوتر والشوق لأطفالهن خاصة فيما يتعلق برؤية التوائم الثلاثة، فهم أول أطفالها، كانت تنتظرهم لمدة سبع سنوات قبل ولادتهم".

وذكرت أنهن في قسم العمل الاجتماعي يحاولن بـ"كل الوسائل النفسية مساعدة الأمهات للتغلب على تلك المشاكل".

وتابعت: "الأمهات يعلمن أيضا أننا نعتني بأطفالهن جيدا ونبذل قصارى جهدنا للحفاظ على صحتهم وقوتهم، والحفاظ عليهم قدر الإمكان كأطفال عاديين، ونحن نقدم لهم الرعاية والحب".

وعن سد فجوة غياب الأم، تقول قاسم إنه "لا أحد في العالم يستطيع ملء هذه الفجوة. هذا لم يحدث من قبل ولا أعتقد أنه سيحدث".

ومن خلال الأم البديلة، يحاول الطاقم "أن يوفر للأطفال الحب والاهتمام والعناية التي يحتاجونها"، وفق قول قاسم، التي عبرت عن آمالها في "إعادة الأطفال لذويهم بمجرد انتهاء هذه المأساة (الحرب)".

وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 134 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

 

المصدر / الأناضول