فلسطين أون لاين

جرائم تنفذ بأوامر رسمية وحماية عسكرية 

حكومة الاحتلال وأجهزة أمن السلطة تغذيان "إرهاب المستوطنين"

...
دير البلح- عبد الله يونس 

عاملان رئيسيان يفسران تصاعد اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، هنا الغطاء الذي توفره حكومة الاحتلال للمستوطنين بالإضافة إلى تكبيل أجهزة أمن السلطة أيدي المقاومة في كافة مناطق الضفة- بحسب ما تحدث به خبيران لـ"فلسطين أون لاين".

واتفق الخبيران على أن الفلسطينيين سكان القرى المجاورة للمستوطنات يفتقدون لكافة مظاهر الصمود بسبب عدم اهتمام المؤسسات الرسمية بمعاناتهم.

واستشهد الليلة الماضية فلسطينيًا وأصيب ثلاثة آخرون بجروح متوسطة جراء إطلاق مستوطنين النار عليهم في قرية وادي رحال قضاء مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية.

وفي جريمة سابقة، أصيب في ٢٥ أغسطس الجاري ٤ مواطنين برصاص الاحتلال والمستوطنين خلال هجوم مستوطنين على أراضٍ فلسطينية بمنطقة البويب شرق مدينة يطا جنوب الخليل.

ودعت حركة حماس في بيان صادر عنها في ١٦ اغسطس الجاري، شعبنا في الضفة الغربية للانتفاض بوجه جرائم الاحتلال والتصدي لهجمات المستوطنين، مؤكدة أنها جرائم لن تزيد شعبنا سوى تمسكا بحقوقه وأرضه.

وجاء هذا البيان، بعد نبأ استشهاد فلسطيني من قرية جيت شرق قلقيلية خلال اقتحام نحو ١٠٠ مستوطن القرية وإطلاق النار تجاه منازل المواطنين، وحرق ٤ منازل و٦ سيارات فيها.

وتتكبل الضفة الغربية بقيود السلطة الفلسطينية الأمنية التي لا تجعل للمقاومين من مختلف الفصائل الفلسطينية متنفساً للرد على جرائم الاحتلال، ما أتاح فرصة سانحة وكبيرة أمام المستوطنين لتطبيق مخططاتهم التضييقية على الفلسطينيين في محاولة لإجبارهم على الرحيل ومصادرة أراضيهم ومنازلهم وقراهم وضمها للمستوطنات المجاورة لها.

أوامر وحماية

وأكد رئيس اللجنة الشعبية ضد الاستيطان والجدار في الضفة الغربية، جمال جمعة، أن اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب عدم وجود رد فلسطيني مماثل ما أتاح الفرصة للمستوطنين للإذعان في جرائمهم.

وقال جمال لـ"فلسطين أون لاين": "إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض أن يعترف بالاعتداءات والانتهاكات التي يفتعلها مستوطنين بأنها أعمال إرهابية، ولكنه يعتبر أن الرد الفلسطيني على هذه الاعتداءات هو العمل الإرهابي!".

وأوضح أن المستوطنين المعتدين يتلقون أوامراً بتصعيد اعتداءاتهم من خلال مجلس المستوطنات وهو كيان ذو صلة كبيرة بوزراء حكومة الاحتلال، ما يدل على أن هناك قرار سياسي إسرائيلي بتصعيد هذه الجرائم ضد الفلسطينيين.

ولفت جمعة النظر إلى أن (إسرائيل) تمنح جنود جيش الاحتلال ضوءً أخضراً لتوفير غطاء للمستوطنين لتنفيذ جرائمهم، من خلال تسليحهم وتدريبهم وإخضاعهم لبرامج عسكرية وكل ذلك يصب في إطار إحداث تهجير قسري للفلسطينيين المقيمين بجوار هذه المستوطنات. 

وأضاف: "هذه الاعتداءات تتمثل بقتل الفلسطينيين وحرق مزارعهم أو منعهم من الوصول إليها وتدمير مركباتهم وإلقاء الحجارة عليهم وإطلاق الكلاب والخنازير البرية على قراهم".

وبيّن رئيس اللجنة الشعبية ضد الاستيطان والجدار أن الفلسطينيون المتضررون من هذه الاعتداءات عادةً ما يتوجهون إلى المحاكم الإسرائيلية لتقديم شكاوى ضد المستوطنين، إلا أن 99% من هذه القضايا تقفل وتقيد ضد مجهولين.

وأكد جمعة أن هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، مؤكداً أنها تعد جزء من سياسة الصهيونية العالمية "الماضية نحو تهجير الناس وردع صمودهم عبر دولة المستوطنين في الضفة الغربية، التي تمنحها حكومة الاحتلال حرية تنفيذ جرائمها بشكل مباشر باستهداف المواطنين". 

جرائم إرهابية منظمة

من ناحيته، أكد الخبير في شئون الاستيطان عبد الهادي حنتش، أن الأعمال الإرهابية الاستيطانية تسير بشكل ممنهج في مختلف قرى ومدن الضفة الغربية.

وأشار حنتش لـ"فلسطين أون لاين" إلى أنها تعد جرائم منظمة تشرف عليها عصابتين معروفتين وهما عصابة "تدفيع الثمن" والأخرى وعصابة "التلال"، وكلتاهما يرصد لهما ميزانيات كبيرة من قبل حكومة الاحتلال لتشجيع الأعمال الإرهابية ودفع الفلسطينيين نحو الهجرة والرحيل.

وقال: "الإرهاب الصهيوني اليهودي، يعاني منه الفلسطينيين منذ قبل عام 1948، يجب أن نذكر هنا عملية تفجير فندق داود العربي قبل أحداث النكبة من قبل عصابة يهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وكذلك نذكر عشرات العمليات الإرهابية التي قام بها اليهود ضد الفلسطينيين".

وأوضح أن إرهاب المستوطنين حالياً هو امتداد لهذا الإرهاب القائم على تنظيم العصابات والحصول على الأموال الداعمة من قبل المؤسسات الإسرائيلية الرسمية التي قامت على أراضي فلسطينية بعد تنفيذ آلاف العمليات الإرهابية.

وأشار حنتش إلى أن الهدف من هذه الاعتداءات، هو ترويع المواطنين وإجبارهم على ترك منازلهم وقراهم والفرار إلى المدن المجاورة لها، مشيراً إلى أن الدعم الأمريكي اللامتناهي، شجع المستوطنين على تنفيذ جرائمهم.

واعتبر أن هذه المجموعات اليهودية باتت "تمثل تهديداً إرهابياً كبيراً على الوجود الفلسطيني"، مشدداً على ضرورة مواجهتها بمخطط عربي وفلسطيني يلعب دوراً سياسياً وإعلامياً في الساحة الدولية على المستويين الرسمي والشعبي. 

ودعا الخبير في شئون الاستيطان السلطة الفلسطينية لتوفير الأمن والسلامة للمواطنين الفلسطينيين في قراهم ومدنهم وبيوتهم وأراضيهم الزراعية، محذراً من نتائج استمرار جرائم العصابات الاستيطانية. 

كما طالبها بضرورة توظيف أجهزتها الأمنية لحماية المواطنين من قطعان المستوطنين، وتنظيم حملات إعلامية دبلوماسية في مؤسسات المجتمع الدولي لفضح جرائم المستوطنين، وتحميل (إسرائيل) المجازر واعتداءات المستوطنين بحق المواطنين. 

وشدد حنتش على ضرورة تسويق اعتداءات المستوطنين على كافة الحركات الشعبية في العالم ومحاصرة (إسرائيل) سياسياً، الأمر الذي يتطلب قطع كافة العلاقات مع الاحتلال، مطالباً بتشكيل لجان حماية شعبية بدعم لوجستي ومادي من القيادات الفلسطينية لحماية المواطنين.