يظل السؤال الكبير المطروح على الأوساط الأمنية "الإسرائيلية"، والذي يحسم مصير الحرب الدائرة على أهل غزة:
أين يخفي رجال المقاومة الفلسطينيين هذا العدد الكبير من الضباط والجنود "الإسرائيليين" الأسرى لدى غزة؟
هل يتم إخفاؤهم في أنفاق تحت الأرض؟ والجرافات "الإسرائيلية" العملاقة غاصت عميقاً تحت أرض غزة، وراحت تفتش عنهم في كل حارة وزقاق، بعد أن فجرت العديد من الأنفاق، وقطعت التواصل والاتصالات الداخلية بين رجال المقاومة، وبعد أن حرثت الأرض من شمال غزة حتى جنوبها، ولم تترك حجراً إلا حركته، ولا شجرة إلا انتقمت من جذورها، في عملية بحث شاركت فيها كل أجهزة التجسس البريطانية، والتصنت الالكتروني الأمريكي، وكل أجهزة المخابرات الفرنسية والألمانية، إضافة إلى بعض العملاء المحليين، وبعض المدسوسين من الأنظمة العربية.
وهل يتواجد الأسرى "الإسرائيليون" بين عائلات أهل غزة، وفي بويتهم؟ ينزحون معهم إذا نزحوا، ويرحلون معهم من مكان إلى آخر، أو ربما يكون الأسرى الإسرائيليون خارج حدود غزة، وهذا الاحتمال مشكوك فيه، ولاسيما بعد أن غاصت شفرة الجرافات الإسرائيلية مئات الأمتار تحت الأرض الفاصلة بين أهل غزة وأرض مصر العربية؟
ليظل السؤال الذي يحير أجهزة المخابرات "الإسرائيلية"، ويربك حسابات القيادات السياسية الإسرائيلية، ويشكل النقطة الفاصلة بين ادعاء النصر، أو الاعتراف بالهزيمة، هو اختفاء عدد 109 من الأسرى والمحتجزين "الإسرائيليين" في رمال غزة، بما فيهم عشرة مواطنين أجانب.
لقد اعترف العدو الإسرائيلي بمقتل 36 أسيراً إسرائيلياً طوال فترة العدوان على غزة، ويعترف العدو ـ كما ورد في صحيفة يديعوت أحرنوت ـ بوجود 73 أسيراً على قيد الحياة، معظمهم ضباط وجنود إسرائيليين.
ويبقى السؤال الذي يرعب الصهاينة وعملاءهم:
أين يخفي أهل غزة هذا العدد من الضباط والجنود "الإسرائيليين" الأحياء، وقد حرثت الدبابات "الإسرائيلية" والطائرات وأجهزة التجسس والتصنت أرض غزة من شرقها وحتى غربها، ومن شمالها وحتى جنوبها.
وهل أقام أبطال غزة ـ بشكل مسبق ـ السجون لهؤلاء الأسرى؟ ومتى شيدوا هذه السجون؟ وأين؟ والعيون الإسرائيلية راقبت كل حجر دخل إلى غزة، ووثقت كميات الأسمنت التي وصلت لأهل غزة، وكيف يعيش هؤلاء الأسرى الإسرائيليون للشهر الحادي عشر في أماكن لا تدري عنها المخابرات الإسرائيلية شيئاً؟ وهي المخابرات التي تدعي أنها تقرأ المستقبل، وتعرف ما في الأرحام الفلسطينية، وأنها جندت آلاف الفلسطينيين والعرب لخدمتها، فأين يختفي الضباط والجنود الإسرائيليون الأسرى على هذه الأرض المسماة في التوراة "الأرض الملعونة، التي يسكنها العماليق" أرض غزة، وماذا يأكل الأسرى الإسرائيليون في ظل الجوع الذي يضرب مفاصل غزة؟ وماذا يشربون والمياه مقطوعة عن غزة؟ وكيف يتنفسون وهواء غزة معبأ بالبارود؟ وما أحوالهم في الأسر، وأحوال غزة تمزق الأفئدة.
أمام هذه الحقائق المذهلة، يقف الخبراء والمختصون والقادة العسكريون على مستوى العالم، يقفون أمام السؤال المجهول؟
أي عقلية فلسطينية إبداعية هذه التي نجحت حتى اليوم في إخفاء أي أثر يدل على مكان وجود 73 ضابط وجندي إسرائيلي، ما زالوا على قيد الحياة، فوق بقعة من الأرض يتجسس عليها 13 جهاز أمني عربي ودولي؟
هذا الإبداع بحد ذاته نصر كبير، وهذا الإبداع بحد ذاته رسالة قوة لكل العرب الذين فقدوا الثقة بأنفسهم وبقدراتهم، وهذا لإبداع خطوط عريضة ترسم معالم المرحلة القادمة، وتحدد للأمة معالم الطريق لتحرير فلسطين.