فلسطين أون لاين

"دير البلح" حيث النّخيل يعانق السّماء.. آخر ملاذات النّازحين

...
دير البلح- عبد الله التركماني

نزوح هنا، وإخلاء هناك، والوجهة واحدة، نحو دير البلح وسط قطاع غزة، فهذه المدينة التي تبلغ مساحتها ٢٧ كيلو متر مربع من أصل ٣٦٥ كيلو متر مربع مساحة القطاع، باتت الملاذ الرئيس للنازحين.

وأدت أوامر الإخلاء الجديدة التي أصدرها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" إلى تهجير آلاف السكان من المناطق الشرقية في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، مما دفع النازحين للتوجه إلى مدينة دير البلح المجاورة.

وأصبحت دير البلح واحدة من أكثر المناطق الفلسطينية ازدحامًا وتكدسًا بالنازحين، إذ تضم الآن نحو مليون نسمة من إجمالي 2.2 مليون نسمة عدد سكان القطاع.

ويقول المزارع سعيد بركة، وهو أحد وجهاء المدينة لـ"فلسطين أون لاين": "إن دير البلح هي مدينة زراعية في المقام الأول وتطل على ساحل البحر، حيث يعمل جزء من سكانها في صيد الأسماك، وتشتهر بزراعة النخيل وأشجار الزيتون".

وأوضح أن المدينة التي تُعرف بهدوئها وابتعادها عن ضجيج الحياة، تحولت إلى ملاذ للنازحين، إذ فتح أهلها بيوتهم لهم، وأسكنوهم في أراضيهم الزراعية، واقتسموا معهم لقمة عيشهم بسعادة. 

لكن بركة أشار إلى أن هذا العدد الكبير من النازحين أثر سلبًا على الإنتاج الزراعي للمدينة، خاصة أن الخيام أقيمت تحت أشجار الزيتون والنخيل مما منع المزارعين من رعايتها.

على الجانب الصحي، أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، لـ"فلسطين أون لاين"، أن مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ليس مجهزًا للتعامل مع هذا العدد الكبير من النازحين. 

وأضاف أن المستشفى يواجه ضغطًا يفوق طاقته بكثير نتيجة لتدمير العديد من المؤسسات الصحية الأخرى.

أشار الثوابتة أيضًا إلى أن الاحتلال "الإسرائيلي" قد خدع العالم بخصوص ما يُسمى "المنطقة الإنسانية الآمنة"، والتي تقلصت تدريجيًا من 63% من مساحة القطاع إلى 9.5% في أغسطس الحالي، مما زاد من التحديات التي تواجه النازحين في دير البلح، وأثر سلبا على الخدمات التي تقدمها المدينة.

أما على صعيد المياه، فقد أعلنت لجنة طوارئ بلدية دير البلح أن التكدس السكاني ضاعف من استهلاك المياه، مما أدى إلى خروج 10 آبار عن الخدمة، وتسبب في فقدان 9000 كوب من المياه يوميًا. وأوضح بيان للجنة أن هذه الآبار كانت تغطي 60% من احتياجات السكان والنازحين.

وقال العضو في لجنة الطوارئ في بلدية دير البلح هيثم الجرو لـ"فلسطين أون لاين" أن ازدحام السكان وسط ظروف حرارية شديدة يزيد من مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة.

 كما حذّر من تراكم النفايات في الشوارع ومراكز الإيواء بسبب صعوبة وصول آليات البلدية إلى مكب النفايات، مما يهدد بانتشار الأوبئة، حيث تم اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في المدينة.

ورغم أن دير البلح تعد آخر مكان يقصده النازحون بسبب اجتياح جيش الاحتلال معظم مساحات المنطقة التي يدعي أنها إنسانية وآمنة، إلا جيش الاحتلال أصدر قبل أيام أمرا بإخلاء حيين سكنيين شرق دير البلح من السكان والنازحين والتوجه غربًا (بلوكات ١٢٩-١٣٠). 

على إثر ذلك، أفادت بلدية دير البلح في بيان لها صدر اليوم بنزوح ١٠٠ ألف فلسطيني من شرق المدينة خلال اليومين الماضيين وخروج ٢٠ مركز إيواء عن الخدمة، من أصل ٢٠٠ مركز إيواء في دير البلح.

وحذّرت بلدية دير البلح من أن التكدس في الجزء الغربي من المدينة أصبح لا يستوعب مزيدًا من السكان، مما يترك الأهالي في حيرة بشأن وجهتهم المقبلة في ظل تقليص المساحة الإنسانية.

وطالبت البلدية المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف سياسة التهجير القسري التي باتت نهجًا متبعًا لديه.