يواجه العاملون عن بُعد في قطاع غزة تحديات متفاقمة نتيجة الحرب "الإسرائيلية" المستمرة على القطاع، حيث باتت قدرتهم على الاستمرار في العمل مهددة بسبب ثلاثية الأزمات: انقطاع الكهرباء، وضعف الإنترنت، وصعوبة التحويلات المالية.
فالشاب خالد عمار، الذي يعمل كمبرمج لصالح إحدى الشركات السعودية، يعبر عن استيائه العميق جراء تأثير الحرب على عمله ومحاولات شركته البحث عن بديل له.
وأوضح عمار لـ"فلسطين أون لاين" أنه وبعد سنوات من البحث عن فرصة عمل خارج غزة المحاصرة، تمكن أخيراُ من الحصول على عقد سنوي مع شركة تعمل في مجال البرمجة، وهو ما أتاح له دخلاً ثابتاً يعتاش منه ويدعم أسرته.
لكن الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر أكتوبر قد ضربت حلمه في الصميم؛ حيث تضاءل نشاطه مع الشركة بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء وتعطل الإنترنت.
وأشار إلى أن الشركة قد تفهمت الوضع في البداية، لكنها طلبت منه البحث عن بدائل كاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية لتشغيل جهاز الحاسوب، حيث تسعى للحفاظ على استمرارية العمل.
ورغم محاولاته المتكررة، إلا أن ضعف الخدمات ونزوحه المتكرر حال دون تحقيق ذلك بشكل كامل.
وأضاف عمار أن الشركة اضطرت في النهاية إلى تقليص المهام الموكلة إليه وتوزيعها على موظفين آخرين خارج غزة، وهو ما أثر عليه بشكل كبير، خاصة أن هذا العمل هو مصدر دخله الوحيد.
والعمل عن بُعد هو نمط عمل يمكن الأفراد من أداء مهامهم المهنية من مواقع خارج المكتب التقليدي باستخدام الإنترنت وأدوات الاتصال الرقمية.
يتميز هذا النوع من العمل بالمرونة في تحديد ساعات العمل والموقع، مما يجعله خياراً جذاباً للعديد من الأفراد حول العالم، خاصة في المناطق التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية مثل قطاع غزة.
من جانبها، أوضحت سميرة حسين، المستشارة في مجال الدعم النفسي والاجتماعي، والتي تعمل مع مؤسسة دولية تقدم محاضرات عبر الإنترنت، أن ضعف الإنترنت وانقطاعه المتكرر، إلى جانب أزمة الكهرباء، قد أدى إلى تراجع نشاطها بشكل كامل.
وبيّنت حسين لـ"فلسطين أون لاين" أن الأنشطة التي كانت مكلفة بتقديمها لم تُنفذ بالكامل بسبب الحرب، ما انعكس سلباً على دخلها وأثر على حالتها النفسية.
كما أشارت حسين إلى معضلة أخرى تواجهها وهي صعوبة حصولها على التحويلات المالية من شركتها في لندن، وذلك بسبب شح السيولة النقدية وإغلاق البنوك أبوابها بسبب الحرب.
وأوضحت أنها اضطرت إلى اللجوء لطرق غير رسمية لاستلام أموالها عبر تجار وافراد يأخذون نسب مرتفعة مقابل التحويلات، وهو ما كلفها نسبة مرتفعة من المبلغ المستحق.
وبدوره، أكد سامي العمصي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع أن العاملين عن بُعد قد انضموا إلى صفوف البطالة بسبب الحرب.
وأوضح العمصي لـ"فلسطين أون لاين" أن الشباب الذين لجأوا للعمل عن بُعد ، أصبحوا يواجهون الآن تدميراً لأحلامهم وطموحاتهم بسبب الحرب، مشيراً إلى أن هذه الفئة التي كانت تعول على العمل عبر الإنترنت في مجالات مثل البرمجة، والتدقيق اللغوي، والترجمة، قد وجدت نفسها فجأة في مواجهة البطالة.
وختم العمصي بتأكيده أن الحرب قد ألحقت خسائر فادحة بالعاملين ورفعت معدلات البطالة بشكل ملحوظ، في ظل عجز المجتمع الدولي عن تقديم الدعم اللازم لهم للخروج من هذا الوضع الراهن.
يجدر الإشارة إلى أنه في غزة، أصبح العمل عن بُعد وسيلة هامة للعديد من الشباب للتغلب على البطالة المرتفعة في القطاع مع قلة فرص العمل المحلية وصعوبة الحركة بسبب الحصار، حيث اتجه العديد من الشباب الغزي إلى البحث عن فرص عمل عبر الإنترنت في مجالات مثل البرمجة، التصميم الجرافيكي، الترجمة، التدقيق اللغوي، والتسويق الرقمي.
ووفقًا لتقارير محلية، فإن نسبة كبيرة من العاملين عن بُعد في غزة هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عاماً. هؤلاء الأفراد غالبًا ما يتعاونون مع شركات وأفراد خارج غزة، مما يوفر لهم دخلاً ثابتاً يساعدهم على تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة.