تحت تهديد السلاح، فرض الجيش الإسرائيلي على بعض الشباب الفلسطيني الذي وقع في الأسر أن يرتدي الزي العسكري الإسرائيلي، وأن يضع الخوذة الإسرائيلية على رأسه، وأن يظهر بمظهر الجندي الإسرائيلي، وطلب جيش العدو من هؤلاء الشباب أن يقتحموا أنفاق المقاومة، وأن يدخلوا البيوت المفخخة، وأن يتقدموا في اتجاه رجال المقاومة.
وبلا أدنى شك، فرجال المقاومة الفلسطينية المستنفرين، والمختبئين خلف الحجارة، وتحت الركام، لا دراية لهم بما يخطط العدو، ورصاصهم جاهز للانطلاق باتجاه أي حركة، فإذا ظهر لهم من بعيد منظر إخوانهم الفلسطينيين الذي يرتدون لباس الجنود الصهاينة، فيبادروا إلى إطلاق النار عليهم، ومن ثم تفجير النفق عليهم، ليضحك الجندي الإسرائيلي مرتين:
المرة الأولى على الفلسطيني الذي خاف الموت، فوضع على جسده زي الجندي الإسرائيلي، وهو لا يدري أنه يسير إلى الموت الذي ظن أنه فر منه.
والمرة الثانية على المقاوم لفلسطيني الذي ظن أنه فجر عبواته الناسفة بالجنود الصهاينة، فكشف عن مكانه، وخسر تجهيزاته.
استعمال العدو الإسرائيلي للأسرى الفلسطينيين كدروع بشرية يتم تحت تهديد السلاح، وهذا العمل الإرهابي يتنافى مع القوانين الدولية، ولكن الأخطر من هذا الإرهاب هو استعانة الجيش الإسرائيلي بالجيوش العربية، فبعد أن وضع على رأسهم الطاقية العربية، وألبسهم العلم العربي، وارتدوا الزي الرسمي لجنود العرب، ولوحوا بالحرية للشعوب العربية، ورفعوا شعار تحرير فلسطين، وقفوا سداً منيعاً في وجه أي مقاومة للعدو الإسرائيلي، وحالوا بين الشعوب العربية وبين ممارسه حقها في محاربة عدوها.
شباب فلسطين الذين ألبسهم الجيش الإسرائيلي زيّه العسكري، وألبسهم خوذته، كانوا مجبرين، وتحت تهديد السلاح، وكانوا يجهلون المهمة التي يقومون بها، ولكن قيادة الأنظمة العربية يعرفون مهمتهم، ويمارسون دورهم في إلقاء القبض على كل مقاوم للاحتلال، ويعرفون أن وظيفتهم حراسة الحدود، وحماية دولة إرهابية، ومع ذلك يقومون بالعمل المهين بكل نشاط واقتناع، متجاهلين لحظة الحقيقة، اللحظة التي سيتفجر فيهم النفق المظلم الذي انزلقوا إليه طائعين خانعين.