فلسطين أون لاين

​في ذكرى انطلاقتها الـ29

سياسيون: بنية حماس المتماسكة تحميها من الانشقاقات

...
جباليا: أنصار حركة حماس يشاركون في الاحتفالات بذكرى انطلاقتها الـ 29 (أ ف ب)
غزة - حازم الحلو

بعد مرور تسعة وعشرين عامًا على انطلاقة حركة حماس، يبدو أن أبرز ملامح مسيرتها التنظيمية هي حالة التماسك التي يتسم بها التنظيم الإسلامي، والذي استطاع من خلالها أن يحافظ على جبهته موحدة برغم الكثير من الاختبارات التي كان من الممكن أن تقسم الصف وتشتت الجمع.

ولا بد من القول إن غالبية التنظيمات الفلسطينية قد مرت بمراحل مختلفة شهدت خلافات كثيرة أدت في مجملها إما إلى انشقاقات أفقية بين القاعدة والقيادة، أو انشقاقات رأسية بمغادرة كوادر كبيرة لصفوف الحركة، ومعها يغادر جزء من قاعدة التنظيم، ولكي نفهم سبب تماسك جبهة حماس الداخلية، حاورنا محللين مختصين في المجال السياسي وشؤون التنظيمات الفلسطينية.

ورأى المحلل السياسي تيسير محيسن، أن حركة حماس تعمل وفقًا لمبدأ عمل الحركات الأيدولوجية التي تتبنى النظام الإسلامي في التعامل بين أفرادها، واعتبار ذلك دستورًا لا يمكن الخروج عليه مطلقًا.

ونوه في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن ارتباط حماس بالمرجعية الإسلامية في نظامها الداخلي ساهم كثيرًا في ضبط عمية انتقال راية القيادة بين صفوفها، مشيرًا إلى أن هذه المرجعية تضبط تصرفات العناصر وتضعهم في أطر محددة.

وشدد على أن التعاليم الإسلامية تجعل من السعي للحصول على المنصب أو المكسب مظنة شبهة ومحل انتقاد، لافتًا إلى أن إدراك القاعدة الحمساوية لهذا الأمر جعلها بأغلبية كبيرة تضع ثقتها في قيادة الحركة وبسطت حالة من الرضا العام داخل التنظيم على مستوى القاعدة.

وذكر محيسن أن إدارة العمل داخل الحركة لا يكاد يخلو من تناقضات وخلافات حول الآليات والوسائل، منوهًا إلى أن الغايات والأهداف يكاد يكون هناك إجماع من كافة المستويات الداخلية للحركة عليها.

وأوضح أن طريقة الإدارة التنظيمية داخل الحركة لا تنتمي لمدرسة هيمنة الشخص الواحد على مجريات الأمور، مضيفًا أن من يتصدر الصفوف يكون قد أتى بانتخابات داخلية تشارك فيها غالبية المستويات في الحركة.

وذكر أن شغور أي منصب قيادي داخل الحركة لا يكون مدخلًا للصراع نتيجة وجود لائحة منظمة لإشغال هذا المنصب، كما حدث في أكثر من حالة، وأبرزها حين استشهد المؤسس الشهيد أحمد ياسين وتولى سلفه الشهيد عبد العزيز الرنتيسي لزعامة الحركة دون أي إشكاليات تذكر.

وبين أن خصوم الحركة السياسيين على الصعيد الفلسطيني الداخلي، بل وأوساط أمنية وسياسية في دولة الاحتلال تقر بشكل تام أن طريقة إدارة مقاليد الأمور داخل حركة حماس تجعل من الصعب حدوث انشقاق أو خلاف عميق يمكن أن يهدد وحدة الحركة أو تماسكها كما حدث مع باقي التنظيمات الفلسطينية.

وشدد على أن هذا التماسك سيبقى موجودًا داخل حماس طالما ظلت المرجعية الإسلامية هي التي تحكم داخل الحركة، إضافة إلى استمرار الاحتكام إلى اللوائح والأنظمة الداخلية، وهو الأمر الذي سيحميها ويجعلها أكثر انتشارًا وتأثيرًا على الساحة الفلسطينية وخارجها.

من جهته، رأى استاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح د.رائد نعيرات، أن إمكانية حفاظ حركة حماس على بنيتها التنظيمية متماسكة ومترابطة تبدو كبيرة إلى حد بعيد، مشيرًا إلى أن وجود آليات ثابتة لفرز القيادات أسهم في الحفاظ على البنية التنظيمية مع كل اختبار صعب كانت تخوضه الحركة.

وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن عدم انكشاف البنية التنظيمية لعموم الجمهور لا يعد أمرًا سلبيًا، مشيرًا إلى أن ذلك الغموض الموجه للجمهور ساهم في التقليل من حدة الإشاعات التي حاولت النيل من حركة حماس على الصعيد التنظيمي.

وأوضح أن حماس لم تشهد خلافًا كبيرًا يمكن أن يوصف بأنه شق لمسيرة الحركة خلال سنواتها التسع والعشرين، لافتًا إلى أن بعض الأشخاص من الحركة ممن لم يستطع المواصلة داخل الحركة انسحب بهدوء ولم يتسبب ذلك في ضجة كبيرة أو انشقاق تنظيمي.

ولفت إلى أن اعتماد النظام التسلسلي الهرمي في ارتقاء سلم الدرجة التنظيمية يعد نظامًا ناجحًا، إذ يحمي الحركة من قليلي الخبرة ممن يمكن أن يظهروا فجأة على الساحة السياسية دون أن يكون لهم رصيد شعبي أو خبرة تؤهلهم لتصدر المشهد.

وأشار إلى أن حالة الرضا داخل القاعدة التنظيمية لحماس تأتي من خلال المعرفة التامة لدى القاعدة بأن رأيها يصل لقمة هرم التنظيم ويتم الاعتناء به، بل وتشارك في مجمل الخطوات المهمة التي تقوم حماس بالإقدام عليها في أي شأن من الشؤون.

ودعا نعيرات حركة حماس إلى مواصلة نهج الديمقراطية والمشاورة داخل دوائرها التنظيمية، معتبرا أن الحفاظ على هذ الحالة الصحية من إدارة الشئون الداخلية يضمن لحماس أن تظل متماسكة ظاهريا وداخل الصف التنظيمي.